ينتفع به الانتفاع الدنيوي المذكور في قوله عزّ وجل: بَنِينَ وَحَفَدَةً [النحل/ 72] ، بل جعله مخلصا للعبادة، ولهذا قال الشعبي: معناه مخلصا، وقال مجاهد: خادما للبيعة (?) ، وقال جعفر: معتقا من أمر الدنيا، وكلّ ذلك إشارة إلى معنى واحد، وحَرَّرْتُ القوم: أطلقتهم وأعتقتهم عن أسر الحبس، وحُرُّ الوجه: ما لم تسترقّه الحاجة، وحُرُّ الدّار: وسطها، وأحرار البقل (?) معروف، وقول الشاعر:
107-
جادت عليه كلّ بكر حرّة
(?) وباتت المرأة بليلة حرّة (?) ، كلّ ذلك استعارة، والحَريرُ من الثياب: ما رقّ، قال الله تعالى: وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ [فاطر/ 33] .
الحَرْبُ معروف، والحَرَب: السّلب في الحرب ثم قد سمّي كل سلب حربا، قال:
والحرب فيه الحرائب، وقال:
والحرب مشتقة المعنى من الحرب
(?) وقد حُرِبَ فهو حَرِيب، أي: سليب، والتّحريب: إثارة الحرب، ورجل مِحْرَب، كأنه آلة في الحرب، والحَرْبَة: آلة للحرب معروفة، وأصله الفعلة من الحرب أو من الحراب، ومِحرابُ المسجد قيل: سمّي بذلك لأنه موضع محاربة الشيطان والهوى، وقيل: سمّي بذلك لكون حقّ الإنسان فيه أن يكون حريبا من أشغال الدنيا ومن توزّع الخواطر، وقيل: الأصل فيه أنّ محراب البيت صدر المجلس، ثم اتّخذت المساجد فسمّي صدره به، وقيل: بل المحراب أصله في المسجد، وهو اسم خصّ به صدر المجلس، فسمّي صدر البيت محرابا تشبيها بمحراب المسجد، وكأنّ هذا أصح، قال عزّ وجل:
يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ
[سبأ/ 13] .
والحِرْبَاء: دويبة تتلقى الشمس كأنها تحاربها، والحِرْبَاء: مسمار، تشبيها بالحرباء التي هي دويبة في الهيئة، كقولهم في مثلها: ضبّة وكلب، تشبيها بالضبّ والكلب.