و (الإيمان): من الأمن وسكون النفس وزوال الخوف عن القلب، (أَمِنَ زيد): إذا زال عنه الخوف، وزال عن قلبه التحرك والقلق الذي كاد عليه من الخوف، و (آمَنَ زيدٌ عمرًا) على وزن أَفْعل: إذا أزال عنه الخوفَ، وأَسكنَ قلبه عن التحرك من الخوف، و (المؤمن): اسم فاعل منه، وهو: الذي أمِن قلبه؛ أي: جعل قلبه ساكنًا مطمئنًا بما أخبره المخبر من غير أن يجعل للشك أو التردد في قلبه سبيلًا.

وإنما يكون الإيمانُ ثابتًا في قلب المؤمن إذا حصل له يقينٌ بما أخبره المُخبِر، واليقينُ ضدُّ الشَّك والظن، فمن كان في قلبه مثقال ذرة من ظنٍّ أو شكٍّ فيما أخبر به المخبر، فليس بمؤمن البتة، ومن ضرورة تصديق المخبر قَبولُهُ جميعَ أوامر الشارع ونواهيه عن الطوع والرغبة، ومن ترك مأمورًا أو فعل منهيًا فانظر، فإن كان تركَهُ المأمورَ وفعلَهُ المنهيَّ عن تكذيبه المُخبِر في ذلك فهو كافر، وإن تركَ المأمورَ تكاسلًا، وهو يعلم أنه حق، فليس بكافر، ولكنه عاصٍ مستحقٌ للعقوبة؛ إن شاء الله عفا عنه، وإن شاء عاقبه، وكذا فعل المنهي.

وأما الأشياءُ الستة التي أخبر رسول الله - عليه السلام - جبريل:

فأحدها: الإيمانُ بالله، ومعنى الإيمان بالله: أنك تعتقد أن الله تعالى قديمٌ أزليٌّ أبديٌّ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3 - 4]، وليس القديم إلَّا ذاته وأسماؤه وصفاته، وما سوى الله وأسمائه وصفاته فهو مخلوقٌ خلقَهُ الله.

والثاني: الإيمان بملائكته، وهو: أن يعتقد أن الملائكةَ عبادُ الله، يعبدونه ولا يشركون به شيئًا، ولا يعصونه لحظة، ولا يَفترون عن عبادته لمحة، ومن قال: ليس لله ملائكة، فهو كافر، ومن قال: الملائكة موجودون، ولكنهم بنات الله، فهو كافرٌ أيضًا، بل هم روحانيون مخلوقون، ولا يأكلون ولا يشربون، وهم داخلودن تحت قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، فهم يَهلِكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015