قوله: (أشرت إليه)؛ يعني: يُثبَتُ كلُّ حديث: أنه مرسل أو ضعيف أو غير ذلك، كلٌّ واحد في موضعه، وكلُّ حديث لم أذكر: أنه ضعيف، أو غريب، أو غير ذلك من ألفاظ، فاعلم أنه متصل الإسناد، وليس فيه ضعف بوجهٍ من الوجوه.

فإن قيل: قد قال: إن أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن، ونحن نجد في الحسان الحديث الضعيف والمرسل والمنقطع، فكيف يثبت الحكم بحديث ضعيف أو مرسل أو منقطع؟ قلنا: جوابه من وجهين:

أحدهما: أن الحديثَ الضعيف ما يكون ضعيفًا عند واحد، وقويًا عند آخر، فيحكم به الذي كان قويًا عنده، ولا يحكم به الذي كان ضعيفًا عنده، وكذلك المرسل قد يكون مرسلًا بطريق، ومتصلًا بطريق آخر؛ لأن الرواة كثيرة، فإن فرضنا الحديث أنه مرسل البتة، ولم يثبت اتصاله عند أحد، ففي العمل بالحديث المرسل خلاف بين الأئمة؛ فبعضهم يراه حجة، وبعضهم لا يراه حجة، والشافعي يرى مراسيل سعيد بن المسيب حجة فقط.

والوجه الثاني: أن قوله: إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن، تقديره بالأحاديث الحسان التي ليست بضعيفة.

"وأعرضت عن ذكر ما كان منكرًا أو موضوعًا"؛ يعني: ما أوردتُ في هذا الكتاب حديثًا منكرًا أو موضوعًا.

فإن قيل: ذكر المصنف رحمه الله: أني أعرضت عن ذكر ما كان منكرًا، وقد أورد الحديث المنكر!

قلنا: ذكر حديثًا هو منكرٌ عند بعض المحدثين وغيرُ منكر عند بعضهم، وأما ما كان منكرًا باتفاق بين المعتبرين من أهل هذه الصنعة فلم يذكر البتة.

قوله: "والله المستعانُ، وعليه التكلانُ"، (المستعان): الذي يُطلَب منه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015