قوله: "الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى"، (الحمدُ): يطلق على جميل صفات الموصوف، والشكرُ على إنعامه، والله يحمد نفسه، ولا يشكره، والثناء: ذكر فضائل من أثنيت عليه، وفي هذه الألفاظ اختلاف كثير، ونحن لا نطول بحث اللغة، كي لا يطول الكتاب.
و"سلام على عباده الذين اصطفى"؛ أي: سلام من الله تعالى ومنا نازل أو واقع على الذين اصطفاهم الله؛ أي: اختارهم الله من الأنبياء والأولياء والملائكة، وجميع أهل طاعته.
و (اصطفى) أصله: اصتفى، وهو افتعل من (صفا يصفو)، وإذا كان فاء فعل افتعل حرفًا من حروف الإطباق، وهي: الصاد والضاد والطاء والظاء، تُقلَبُ تاء افتعل طاءً؛ ليكون مجانسًا لفاء فعل افتعل في الإطباق.
والمصنفُ أورد هذه الألفاظ تيمنًا بقوله تعالى لرسوله: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59].
والتنكيرُ في (سلام) بمعنى التعريف في إفادة العموم في كثير من المواضع، كما يقال: والله لا أشرب ماء، ولا أشرب الماء؛ فإن حكمهما واحد.
وقيل: التنكير ههنا لأجل أن السلام من الله على عباده لا يكون قليلاً، حتى يتفاوت بين التنكير والتعريف.
وعادةُ جميع المصنفين أن يبتدئوا في أول كتبهم بالحمد لله؛ تمسكًا بما رواه أبو هريرة: أن النبي - عليه السلام - قال: "كلُّ خطبة ليس فيها تشهُّدٌ، فهي كاليدِ الجذماء"، وفي رواية: "كلُّ كلامٍ لا يبدأ فيه بالحمد، فهو أجذمُ".
الخِطبةُ: طلبُ زوجة وغيرها من الحاجات، والتشهُّدُ: كل ذكر يذكر فيه