فيأتِيها بنوهَا فيَسألونَ الأُدْمَ وليسَ عِندَهُمْ شَيءٌ، فتعمِدُ إلى الذِي كانتْ تُهْدي فيه للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَجِدُ فيهِ سَمْنًا، فما زالَ يُقيمُ لَهَا أُدْمَ بيتِها حتَّى عَصَرَتها، فأتَتِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "عصرتيها؟ "، قالتْ: نعمْ، قَالَ: "لوْ تَركتِيها ما زالَ قائِمًا".

قوله: "إن أمَّ مالكٍ كانت تُهدي للنبيِّ في عُكَّةٍ لها سمنًا"، قال الإمام التُّورِيشتي في "شرحه": إن أمَّ مالك في الصحابيات اثنتان؛ أم مالك البَهْزِيَّة، وهي التي تروي حديث الفتنة، وأم مالك الأنصارية، وهي التي علَّمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن تقول في دُبُرِ كل صلاة: "سبحان الله عشرًا، والحمد لله عشرًا، والله أكبر عشرًا".

وصاحبة العكة هي البَهْزِية، وقد رُوي مثلُ ذلك في أمِّ أوسٍ البَهْزِيَّة، ذكرتُ كلَّ واحدة منهما في بابها من الكنى، فلا أدري أهي واحدةٌ اختلف فيها؛ لاختلاف الكنيتين، أم هما اثنتان، هذا كله منقولٌ من "شرحه".

قال في "الصحاح": يقال لمثل الشَّكوة ممَّا يكون فيه السَّمنُ: عُكَّة؛ بالضم، والجمعُ: العُكَك، والعِكاك، و (الشكوة): قربة صغيرة.

يقال: أهديت له وإليه: أرسلت إليه الهدية، تقدير الكلام: كانت تُهدي سمنًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - في عُكَّة لها.

قوله: "فما زالَ يُقيمُ لها أُدْمَ بيتِها حتَّى عَصرتها"؛ أي: فما زال ذلك السمن في العُكَّة أدم بيتها لبركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى نقَّتها من السمن.

قوله: "لو تركتِيها ما زالَ قائمًا"؛ أي: ما زال أدمُ بيتِك قائمًا لو تركت ما فيها من السمن وما عصرتيها، فإن البركة تنزل في شيء ولو كان قليلاً، فإذا نزلت البركة في شيء قليلٍ كَثُر ذلك القليل، فالياء في (تركتيها) و (عصرتيها) للإشباع.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015