والرمل؛ يعني: كان يقرب أن يتوارى الراكبُ من شدة ثورانِ هذه الريح.
وفيه دليلٌ على صدق نبوته وصحتها، أنه ظهر في مستقبل الزمان ما أخبر عنه في الماضي تحقيقًا وتصديقًا لما أخبر عنه.
* * *
4616 - عَنْ أَبي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قال: خرَجْنا معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى قَدِمْنَا عُسْفانَ، فأَقَامَ بِهَا لَيالِيَ، فقالَ النَّاسُ: ما نَحْنُ هَا هُنا في شَيءٍ، وإنَّ عِيالَنا لَخُلوفٌ مَا نَأْمَنُ عليهِمْ، فبَلَغَ ذلكَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَال: "والَّذِي نَفْسي بيدِه، ما مِنَ المَدينةِ شِعْبٌ ولا نَقْبٌ إلاَّ عليهِ مَلَكانِ يَحْرُسَانِها حتَّى تَقْدَموا إليها"، ثُمّ قال: "ارتَحِلُوا"، فارتَحَلْنا، وأقبَلْنا إلى المَدِينةِ، فوَالَّذِي يُحْلَفُ بهِ، ما وَضَعْنا رِحَالَنا حِينَ دَخَلنا المَدِينَةَ حتَّى أَغَارَ عَلَيْنا بنو عَبدِ الله بن غَطَفانَ، ومَا يَهْيجُهُمْ قبلَ ذلكَ شيءٌ.
قوله: "حتى قدمنا عُسْفان"، (القدوم): الرجوع عن السفر، و (عُسْفان): موضع قريبٌ من المدينة.
قوله: "وإن عِيالنا لخُلوفٌ ما نأمنُ عليهم" يقال: الحيُّ حيٌّ خلوفُ؛ أي: لم يبقَ منهم أحد، قيل: معناه: ليس فيها إلا النساء من غير الرجال، فلهذا ما نأمنْ عليهم.
قوله: "ما من المدينة شِعبٌ ولا نقبٌ إلا عليه ملكان يحرسانها حتى تقدموا إليها" (الشِّعب) بكسر الشين: الطريق في الجبل، وكذلك (النقب) و (المنقب).
(الحِراسة): الحفظ.
* * *