قوله: "يقرؤون القرآن لا يجاوزُ تراقيَهم"، (التراقي): جمع ترقوة، وهي العظام بين نقرة النحر والعاتق؛ أي: لا يجاوزُ ما يقرؤون من القرآن عن ظاهرهم إلى باطنهم، ولا عن قالبهم إلى قلبهم.
يعني: لا تقبل طاعاتهم، ولا ترفعُ إلى الله سبحانه، فقلبُ المؤمن يقرأُ القرآن، ولسانُهُ ممرُّه، وقلبُ المجرم ممرُّ القرآن، ولسانه مقرُّه، قال الله تعالى: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ} [الحجر: 12 - 13].
قوله: "يمرُقون من الدين كما يَمرُق السهمُ من الرمية"، (مرق): إذا خرج؛ يعني: يخرجون من الدين؛ أي: من طاعة الله وطاعة الأئمة.
(كما يمرق)؛ أي: يخرج "السهم من الرِّمِية"، (الرَّميةُ): الصيدُ الذي تقصده فترميه، ومروق السهم من الرمية: عبارةٌ عن خروجه إلى الجانب الآخر، وعدم قرارِهِ فيها.
قوله: "ينظر إلى نَصلِهِ، إلى رِصافِهِ، إلى نضَيهِ - وهو قِدحه - إلى قُذَذِهِ".
قال في "الصحاح": (الرِّصاف): وهي العَقَبُ الذي يُلوَى فوق الرُّعْظِ، (يلوى)؛ أي: يشد، و (الرُّعْظ): مدخل النصل.
و (نَضيُّ السهم): ما بين الريش والنصل.
و (القِدح) بالكسر: السهمُ قبل أن يُراشَ، ويركب نصله.
و (القُذَذ): ريش السهم، الواحدة: قُذَّة.
قال بعض الشارحين: المراد بالنصل: القلبُ الذي هو المؤثر المتأثر، فإذا نظرت إلى قلبه، فلا تجدُ فيه أثرًا ممَّا شَرَعَ فيه من العبادات.
والمراد بالرِّصاف: الصدرُ الذي هو محلُّ الانشراح، وانفساحِ مجاري الأوامر، وتحملِ مشاقِّ التكليف، فلم ينشرحْ لذلك، ولم يظهرْ فيه أثرُ السعادة.