قَبيلةً، ثُمَّ جَعَلَهُمْ بُيوْتًا فَجَعَلَنِي في خَيْرِهِمْ بَيْتًا، فَأَنَا خَيْرُهُمْ نفْسًا وأَنَا خَيْرُهُمْ بَيتًا".
قوله: "فكأنه سَمِعَ شيئًا، فقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على المِنْبر"، الحديث.
الضميرُ في (كأنه) للعَبَّاس؛ يعني: كَأَنَّ العباسَ عمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَمِعَ شيئًا في حَقَّه. "فقام على المِنْبر"؛ أي: وَعَظَ أُمَّتَه.
فقال: "من أنا؟ " (مَنْ) للاستفهام، سؤالُ تقرير، و (أنا) عائدٌ إلى حقيقته وكماله النَّبوي المُصْطَفَوي الذي ما كانوا يعرفونه، وما عرفوا، ثم بَيَّنَ بعضَ كمالاته وفضائله.
فقوله: "أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب"، تواضُعًا منه - صلى الله عليه وسلم - مع فضائله التي لا تُحْصَى، وتَلْقينًا لأمته بالتواضع.
فقوله: "ثُمَّ جَعَلَهم فِرْقَتين"؛ أي: صَيَّر الخلقَ فريقين: العربَ والعَجَمَ.
"فجَعَلني في خيرهم فِرْقَةً"، (فِرْقَةً) نُصِبَ على التمييز؛ أي: خَلَقَني في خيرِ الخَلْق، وهم العَرَب.
"ثُمَّ جعلَ العربَ قبائلَ، فجعلني في خيرِهم قبيلةً"؛ أي: خَلَقَني في القبيلةِ التي هي خيرُ القبائل، وهي قريشٌ.
"ثم جَعَلَ تلك القبيلةَ بيوتًا"؛ أي: بُطونًا، والبطونُ: جمع بَطْنٍ، وهو دونَ القبيلة.
"فجَعَلَني في خيرِهم بيتًا"؛ أي: خَلَقَني في خيرِ البيوت، وهم قبيلةُ هاشم.
"فأنا خيرُهم نَفْسًا، وخَيرُهم بيتًا"؛ يعني: إذا تقرَّرَ هذا فأنا خيرُ جميعِ الخلائق نَفْسًا وبيتًا.