قيل: في تسمية العذبة للاشتقاق وجهان:
أحدهما: مِنْ (عَذُبَ الماءُ): إذا طابَ وساغَ في الحلق، وكذا بهذه العَذَبَة يطيبُ سيرُ الفرسِ ويستريحُ راكبه ويَعْذُبُ له.
والثاني: أن يكون من (العَذَاب)؛ إذ به يُجلد الفَرَسُ ويُعَذَّبُ، وكذا عَذَبَةُ العمامة متعرضة للتلطُّخ والتشبث بمواضع تتمزق منها العمامة، فهي عَذَابُ اللابس.
* * *
(باب العلامات التي بين يدي الساعة، وذكر الدجال)
"بينَ يَدي السَّاعة"؛ أي: قُدَّامها، فأصله: وضعتُ الشيءَ بين يدي فلان: أن يُستعمل في المكان الذي يُقابل صدره، ويكونُ بين يديه، ثم نُقِلَ إلى الزمان، فقيل: ما بين أيدينا وما خلفنا، والمراد به: الزمان الماضي والمستقبل، على اختلاف بين أرباب المعاني، وكل ما كان قبلَ قيامِ السَّاعةِ يكونُ بين يديه.
و (الدَّجَّالُ): مأخوذ من الدَّجَلِ، وهو اللَّبْسُ والتَّمويه، يقال: (دَجَلَ): إذا مَوَّهَ ولَبَّسَ، حكاه ابن الأنباري.
وقيل: سُمِّيَ دَجَّالًا؛ لأنه يضرِبُ في الأرض؛ أي: يسيرُ فيها ويقطعُ أكثرَ نواحيها، يقال: (دَجَلَ الرَّجُلُ): إذا سَاحَ في الأرض، حكاه ثعلب.
وقيل: (الدَّجَلُ): السَّحْرُ، وسمي الدَّجَّال دَجَّالًا؛ لأنه ساحر، يقال: دَجَّلَ فلانٌ الحقَّ بباطله): إذا غطَّاه، ومن ذلك أُخِذَ (الدَّجَّال)، ودَجَلَهُ: سَحَرَهُ