القَدَر، فإذا لم يأمركم الله ورسولهُ - عليه السلام - بهذا فلمَ تتنازعون في القَدَر؟
قوله: "إنما هلك مَن كان قبلكم"؛ يعني: هلكت اليهودُ والنصارى وغيرُهم حينَ تنازعوا في شيءٍ لم يأمرهم الله تعالى ورسوله به، من البحث في القَدَر وتفضيل بعض الرسل على بعض من تلقاء أنفسهم.
قوله: "عَزمتُ عليكم"؛ أي: أَقسمتُ عليكم، وكان أصله: عزمت بإلقاء اليمين وإلزام اليمين عليكم ألا تبحثوا ولا تنازعوا في القَدَر بعد هذا.
* * *
78 - عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله تعالى خلقَ آدمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ، منهمُ الأحمرُ، والأبيض، والأسودُ، وبَيْنَ ذلكَ، والسَّهلُ، والحَزْنُ، والخَبيثُ، والطَّيِّبُ".
قوله: (القبضة): ملْء الكفِّ من كل شيء، والمراد ها هنا: من التراب.
قوله: "من جميع الأرض"؛ أي: من جميع ما قدَّر الله تعالى إلى أن يسكنَه بنو آدم من الأرض، وليس مراده: من جميع الأرض؛ لأن مِن الأرض ما لم يصل إليه قدم آدمي؛ يعني: أَمرَ الله عزرائيلَ - عليه السلام - بأن يأخذ قبضةً من وجه الأرض، وخلقَ منها آدمَ عليه السلام، وقدَّر أن يسكنَ بنو آدم الأرضَ التي خُلِقُوا من ترابها.
"فجاء بنو آدم على قَدْرِ الأرض"؛ أي: على لون الأرض وطبعها، وكلُّ موضعٍ ترابُها أحمرُ كان أهلُ ذلك الموضع ألوانُهم أحمر، وكذلك الأسود والأبيض.
قوله: "وبين ذلك"؛ أي: بين الأحمر والأسود والأبيض.