ليظنهم الناس زهَّادًا عبَّادًا تاركين الدنيا، لبس الصوف إن كان بهذه النية فهو مذموم، وإن كان من الفقراء أو لكسر النفس وغير ذلك فهو جائز.

"من اللين، ألسنتهم أحلى من السكَّر" أراد بـ (اللين): التملُّق والتواضع في وجوه الناس؛ ليصير الناس لهم مريدين، "وقلوبهم قلوب الذئاب"؛ يعني: قلوبهم شديدة مسودةٌ من غاية حبِ الدنيا وحب الجاه، وكثرةِ العداوة والبغض والصفات المذمومة الثابتة في قلوبهم.

"أبي يغترون أم عليَّ يجترئون" الهمزة في (أبي) للاستفهام، (الاغترار): الانقياد، مِن غرَّك؛ يعني: يمكر بك مكرًا وأنت لا تعلم، وتظنه صديقًا نصوحًا، والمراد بـ (الاغترار) هنا: عدم الخوف من الله، وترك التوبة من فعلهم القبيح، و (الاجتراء): الانبساط والتشجُّع؛ يعني: الذين يختلون الدنيا بالدين (?)، لا يخافونني، ويجترئون عليَّ بمكرهم الناس في إظهار الأعمال الصالحة.

"فبي حلفتُ" الباء للقسم؛ يعني: يقول: الله تعالى: حلفتُ بعظمتي وكبريائي لأبعثن عذابًا على هؤلاء، "تدع"؛ أي: تترك "الحليم": العاقل "حيران"؛ يعني: لا يقدر العاقل وذو تجربة وجلادة على دفع ذلك العذاب.

وسنة الله تعالى في إرسال العذاب أن يعم المذنب والبريء، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]؛ أي: تعم المذنبَ والبريء.

وطريق البريء: أن ينهى المذنب عن الذنب، فإن لم ينته فليترك مجالسته، وليبعد عن تلك القرية أو البلدة.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015