3991 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قامَ فينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَطيبًا بعدَ العَصْرِ فلم يَدَعْ شيئًا يكونُ إلى قيامِ السَّاعةِ إلا ذَكَرَهُ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ ونَسيَهُ من نَسِيَهُ، وكانَ فيما قال: "إنَّ الدُّنيا حُلْوَةٌ خَضرَةٌ، وإنَّ الله مُستَخْلِفُكم فيها فناظِرٌ كيفَ تعملونَ؟ أَلا فاتَّقُوا الدُّنيا، واتَّقُوا النِّساءَ"، وذَكَرَ أنَّ لكلِّ غادرٍ لِوَاءً يومَ القِيامةِ بقَدْرِ غَدْرتِهِ في الدُّنيا, ولا غَدْرَ أكبرُ مِن غَدْرِ أميرِ العَامَّةِ، يُغرَزُ لِواؤُه عندَ استِهِ، قال: "ولا تَمنعَنَّ أَحَدًا منكم هيبةُ النَّاسِ أن يقولَ بحقِّ إذا عَلِمَه".
وفي روايةٍ: "إنْ رأى منكرًا أن يغيرَه"، فبكى أبو سعيدٍ وقال: قد رأيناهُ فمَنَعَتْنا هيبةُ النَّاسِ أنْ نتكَلَّمَ فيهِ، ثُمَّ قال: "أَلا إنَّ بني آدَمَ خُلِقُوا على طَبَقاتٍ شَتَّى؛ فمنهم مَن يُولَدُ مُؤْمِنًا، ويحيا مُؤْمِنًا، ويموتُ مُؤْمِنًا، ومنهم مَن يُولدُ كافِرًا، ويحيا كافِرًا، ويموتُ كافِرًا، ومنهم مَن يولدُ مُؤْمِنًا، ويحيا مُؤْمِنًا، ويموتُ كافرًا، ومنهم مَن يولدُ كافِرًا، ويحيا كافِرًا، ويموتُ مُؤْمِنًا"، قال: وذكرَ الغَضَبَ، "فمنهم مَن يكونُ سريعَ الغَضَبِ سريعَ الفَيْءِ، فإِحداهُما بالأخْرى، ومنهم مَن يكونُ بطيءَ الغَضَبِ بطيءَ الفَيءِ، فإحداهُما بالأخرى، وخِيارُكم مَن يكونُ بطيءَ الغَضَبِ سريعَ الفيء، وشرارُكم مَنْ يكون سريعَ الغَضَبِ بطيءَ الفَيءِ"، قال: "اتقوا الغَضَبَ، فانهُ جَمْرَةٌ على قَلْبِ ابن آدمَ، أَلا تَرَوْنَ إلى انتِفاخِ أوداجِهِ وحُمرةِ عَيْنَيهِ؟ فمَن أَحَسَّ بشيءٍ مِن ذلكَ فَلْيَضْطَجِعْ وليتلَبَّدْ بالأَرْضِ"، قال: وذكرَ الدَّيْنَ فقال: "منكم مَن يكونُ حَسَنَ القَضاءِ، وإذا كانَ لهُ أَفْحَشَ في الطلَبِ، فإحداهُما بالأُخْرى، ومنكم مَن يكونُ سيئَ القَضاءِ، وإنْ كانَ لهُ أَجْمَلَ في الطَّلَبِ، فإحداهُما بالأُخْرى، وخِيارُكم مَن إذا كانَ عليهِ الدَّيْنُ أَحْسَنَ في القَضاءَ، وإنْ كانَ لهُ أَجْمَلَ في الطَّلَبِ، وشِرارُكم مَن إذا كانَ عليهِ الدَّيْنُ أساءَ القضاءَ، وإنْ كانَ لهُ أَفْحَشَ في الطَّلبِ، حتى إذا كانَت الشَّمْسُ على رُؤوسِ النَّخْلِ وأَطْرافِ الحِيطانِ فقالَ: "أَما إنه لم يَبْقَ مِن الدُّنْيا فيما مَضَى منها إلا كما بقيَ مِن يومِكم هذا فيما مَضَى منه".