قوله: "لا يدخلُ الجنَّةَ قاطعُ الرحم"، إنْ قَطَعَ الرَّحِمَ عن اعتقادِ جَوَازِ قَطْعِها؛ لأنه كافرٌ باستحلاله الحرامَ، وإن لم يستحِلَّ قَطْعَ الرَّحِم، فمعنى هذا الحديث: أنه لا يدخلُ الجنةَ حتى يَطْهُرَ من ذنبِ قَطْعِ الرَّحمِ، إما بأن يعفوَ الله عنه، أو يعذِّبَه بقَدْر ذنبه.
روى هذا الحديثَ جُبير بن مُطْعِم.
* * *
3829 - وقَالَ: "لَيْسَ الوَاصِلُ بالمُكَافِئِ، ولَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذي إذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها".
قوله: "ليس الواصلُ بالمكافِئ"؛ يعني: ليس واصِلُ الرَّحِمِ من يفعلُ بأقاربه ما فعلُوه به؛ أي: إذا وصلوه وصَلَهم، وإذا قَطَعُوه قَطَعَهم، بل الواصلُ من إذا وصَلُوه وصَلَهم، وإذا قَطَعُوه وَصَلَهم.
روى هذا الحديثَ عبد الله بن عمر.
* * *
3830 - وعَنْ أَبيْ هُريْرَةَ - رضي الله عنه -: أنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله! إِن لِيْ قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيقْطَعُوني، وأُحْسِنُ إلَيْهِمْ ويُسيؤونَ إلَيَّ، وأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ، فقالَ: "لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّما تُسِفُّهمُ المَلَّ، ولا يَزالُ مَعَكَ مِنَ الله ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِك".
قوله: "فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ"، (سفَّ وأَسَفَّ): إذا ألقى الدَّقيقَ في الفم، وفَرَّقَ الترابَ على وجهٍ شيء، (المَلُّ): الجَمْر والرَّمَاد.
يعني: إذا لم يشكُروا إحسانَك إليهم، فكأنما تلقي إليهم النار؛ لأنَّ