الغِيْبَةُ؟ " قَالُوا: الله ورَسَولهُ أَعلَمُ، قَال: "ذِكْرُكَ أَخَاكَ بَما يَكْرَهُ"، قِيْل: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ في أَخِيْ مَا أَقُولُ؟ قَال: إنْ كَانَ فيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغتبْتَهُ، وإنْ لَمْ يَكُنْ فيهِ فَقَد بَهَتَّهُ".
ويُرْوَى: "إِذَا قُلْتَ لأَخيْكَ مَا فيهِ فَقْد اغْتبْتَهُ، وإِذَا قُلْتَ مَا لَيْسَ فيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ".
قوله: "بَهَتَّه"، أصله: بَهَتْتَه؛ أي: قلتَ فيه بُهْتانًا؛ أي: كذبًا عظيمًا.
* * *
3758 - عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْها: أنَّ رَجُلاً اسْتأذَنَ على النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: "ائْذَنُوا لَهُ، فبئسَ أَخُو العَشِيرَةِ هُوَ"، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَّقَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وَجْهِهِ، وانْبَسَطَ إِليْه، فلمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ قَالَت عَائِشَةُ رَضيَ الله عَنْهَا: يَا رَسُولَ الله! قُلْتَ لهُ: كَذا وكَذا، ثُمَّ تَطلَّقتَ في وجْهِهِ، وانبسَطْتَ إليه! فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشًا؟ إنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنَدَ الله مَنْزلةً يَومَ القِيَامةِ مَن تَرَكَهُ النَّاسُ اتقَاءَ شَرِّه".
ويُرْوَى: "اتّقاءَ فُحْشِهِ".
قوله: "أخو العشيرة"، العشيرةُ: القبيلة؛ أي: بئس هو في قومه.
"تَطَلَّقَ"؛ أي: أظهرَ عن نفسه البشاشةَ والفرحَ في وجهه.
"وانبسطَ إليه": أي: تقرَّبَ منه وجعلَه قريبًا من نفسه، وتبسَّمَ في وجهه.
"متى عاهدتني"؛ أي: متى رأيتنَي.
"فحَّاشًا"؛ أي: سَبَّابًا؛ يعني: هو رجل سَوْء، ولكن لم أؤذِهِ؛ لأن إيذاءَ المسلمين ليس من خُلُقي.
"مَنْ تركَه الناسُ اتقاءَ شَرِّه"؛ يعني: تركتُ إيذاءه وتطَّلقْتُ في وجهه كي لا يؤذِيَني بلسانه.