هذا الحديثُ يدلُّ على استحسان قراءة شعر فيه حكمةٌ وموعظة.
* * *
3724 - وعَنْ جُنْدَبٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ في بَعْضِ المَشَاهدِ وقَد دَمِيَتْ إِصبَعُه فَقَال:
"هَلْ أنتِ إِلاّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وفي سَبيْلِ الله ما لَقِيتِ"
قوله: "في بعض المشاهد"؛ أي: في بعض الغزوات.
"وقد دَمِيَتْ"، الواو للحال، (دَمِيَتْ)؛ أي: تجرَّحَتْ.
فإن قيلَ: لم يَجُزْ للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنشاءُ الشعر، فكيف أنشأَ هذا البيتَ؟
قلنا: اختلف العلماء في أنه - صلى الله عليه وسلم - هل كانَ يُحْسِنُ الشعرَ أم لا؟
فقال بعضهم: يحسنُ الشعر ولكن لا يقولُه، كي لا يقولَ الكفار: إنه شاعر.
وقال بعضهم: إنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحسِنُ الشعرَ وهو الأصحُّ، فقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69].
وأما إنشاؤه هذا الشعرَ وأشباهَه: فإن هذا رَجَزٌ، والرَّجَزُ ليس من الشعر في قول، وفي قول الرَّجَزُ شعرٌ، ولكن قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل أنتِ إلا إصبعٌ دَمِيتِ" بكسر التاء، وكذلك: "ما لَقِيْتِ" بكسر التاء من غير مدِّها؛ ليخرجَ من نَظْم الشِعر، ولم يقصِدْ بتكلُّمه - صلى الله عليه وسلم - بهذا أو أشباهه الشعرَ، ولكن خرَج من عامَّةِ فصاحته على نَظْمِ الشعر من غير قصدهِ الشِّعْرَ.
* * *
3725 - وعَنِ البَراءِ بن عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ قُرَيْظَةَ لِحَسَّانَ بن ثابتٍ: "اهْجُ المُشْرِكينَ، فإنَّ جِبْرِيلَ مَعَكَ".