مِنَ الحِسَانِ:
3574 - عن أبي رَزيْنٍ العُقَيْلِيِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "رُؤيا المؤمن جُزءٌ مِن سِتةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزءًا مِن النَّبوُّةِ، وهي على رِجْلِ طائرٍ ما لم يُحدَّثْ بها، فإذا حدَّثَ بها وقعَتْ - وأَحْسِبُه قال: - لا يُحدِّثُ إلا حَبيبًا أو لَبيْبًا".
وفي رِوَايةٍ: "الرُّؤيا على رِجْلِ طَائرٍ ما لم تُعَبَّرْ، فإذا عُبرت وقعَتْ، - أَحْسِبُه قال: - ولا تَقُصَّها إلَّا على وادٍّ أو ذيْ رَأْيٍ".
قوله: "وهي على رِجلِ طائرٍ ما لم يحدث بها": هذا مَثَلٌ؛ يعني: الطائرُ إذا كان يطير في الهواء لا قرارَ له؛ يعني: الرُّؤيا قبلَ التعبير لا يثبت شيءٌ من تعبيرها على الرائي، ولا يلحقه منها ضررٌ، بل تحتمل تلك الرُّؤيا أشياءَ كثيرةً، فإذا عُبرَتْ ثبتَ للرائي حكمُ تعبيرها خيرًا كان أو شرًّا، وهذا تصريحٌ منه - صلى الله عليه وسلم - بأن التعبيرَ لا ينبغي لكل أحد، بل ينبغي لعالِمٍ بالتعبير؛ لأنه إذا عبَّر يلحق الرائي حكمُ تعبيره، فإن كان جاهلًا ربما يُعبر على وجهٍ قبيحٍ، فيلحق مِن تعبيره ضررٌ بالرائي.
قوله: "وقعت"؛ أي: وقعت تلك الرُّؤيا على الرائي؛ يعني: يلحقه حكمُها.
"لا يحدِّث إلا حبيبًا أو لبيبًا"، (اللبيب): العاقل؛ يعني: إن كان مَن حدَّثته برؤياك حبيبًا لك يعبرها كما يعبر الحبيبُ للحبيب، يعني: يعبرها على وجهٍ حسنٍ، وإن لم يكن مَن حدَّثته بها حبيبًا لك، ولكنه لبيبٌ يعبرها من غاية عقله وعلمه على وجهٍ ينفعك ولا يضرُّك ولا يغمُّك.
قوله: "إلا على وادٍّ": هذا اسم فاعل، أصله: وادِد، فأُسكنت الدال الأولى وأُدغمت في الثانية، ومعناها: الحبيب، وأراد بـ (ذي الرأي): العالِم، كذا قاله الزجَّاج.
* * *