يعني: لا يقدر أحدٌ أن يخلقَ مثلَ ما أَخلقُ، فإن الخلقَ ليس بتصويرِ صورةٍ مجردةٍ عن الرُّوح، بل الخلق أن يصوِّر صورةً وينفخ فيها الرُّوح، فلا يقدر أحدٌ على نفخ الرُّوح في الصورة إلا الله.

* * *

3478 - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَحَلَّمَ بحُلمٍ لم يَرَهُ، كُلِّفَ أنْ يعقِدَ بينَ شعيرتينِ ولن يفعلَ، ومَن استمعَ إلى حديثِ قومٍ وهم له كارِهونَ، أو يَفِرُّونَ منهُ، صُبَّ في أُذُنَيْهِ الآنُكُ يومَ القيامةِ، ومَن صَوَّرَ صورةً عُذِّبَ وكلِّفَ أنْ ينفخَ فيها وليسَ بنافخٍ".

قوله: "مَن تحلَّم"؛ أي: مَن تكذَّب "بحُلمٍ".

(الحُلم) بضم الحاء: الرؤيا؛ يعني: من قال: رأيتُ رؤيا ولم يكن رآها فقد كذبَ، ويُعذب يومَ القيامة بهذا الكذب، ويقال له: اعقد بين شَعيرتَين، ولم يقدر أن يعقدَ بينهما؛ يعني: يعذَّب بفعل ما لم يكن قادرًا على فعله كما، أظهر برؤيته رؤيا لم يكن رآها.

وهذا التغليظ فيمن أظهرَ رؤيا كاذبًا إذا كان كذبًا عظيمًا، مثل أن يقول: رأيتُ في المنام أن الله أمرني أن أكون نبيًّا، أو أمرني بأن فلانًا مغفورٌ أو وَلِيٌّ، أو فلانٌ ملعونٌ، أو أخرِجُوه من البلد، أو أمرَني الله بأن أقول: اعملوا بدين موسى أو غيره من الأنبياء الماضية، أو اقرؤوا التوراة وما أشبه ذلك، وكذلك لو قال: أمرني رسولُ الله في المنام بشيءٍ من هذه الأشياء.

وأما لو لم يكن كذبُه عظيمًا لم يكن عذابُه مثل هذا العذاب، مثل أن يقول واعظ: أمرني الله بأن أعظَ الناسَ، فهذا كذب، ولكن وعظَ الناس طاعةٌ، فلم يكن إثمُ هذا الكذب مثلَ إثمِ مَن قال: أمرني الله بقراءة التوراة؛ لأنها منسوخةٌ.

قوله: "صُبَّ في أذنيَه الآنُكُ": وهو الأُسْرُبُّ؛ يعني: استراقُ السمعِ خيانةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015