"تكونُ إبلٌ للشَّياطينِ، وبيوتٌ للشَّياطينِ، فأمَّا إبلُ الشَّياطينِ فقد رأيتُها، يخرُج أحدُكم بنجيباتٍ مَعَهُ قد أَسْمَنَها فلا يَعْلو بعيرًا منها، ويَمُرُّ بأَخيهِ قد انقطعَ بهِ فلا يحمِلُه، وأمَّا بيوتُ الشَّياطينِ فلم أَرَها" كان سعيدٌ يقولُ: لا أُراها إلا هذهِ الأقفاصَ التي تسترُ الناسَ بالدِّيباجِ.
قوله: "بنجيبات"، هي جمع نَجِيبةٍ، وهي الناقة المختارة؛ يعني: الدوابُّ إنما خلقها الله لينتفع بها بالركوب والحمل، فإذا كانت مع الرجل في الطريق نجيباتٌ ولم يركبها، ولم يحمل عليها مَن أَعْيَى في الطريق، ولم يحمل أقمشته عليها، فقد أطاع الشيطان في منع الانتفاع بدوابه، وإذا أطاع الشيطان في أمر دوابه فكأن دوابه للشيطان حتى أطاع ما يأمره الشيطان بترك الانتفاع بها.
قوله: "هذه الأقفاص"؛ يعني بـ (الأقفاص): الأحداج، وهي جمع حِدْج، وهي ما تجلس فيها النساء على ظهر الدابة شبه بيت، ويسمَّى: المِحَفَّة، ووجه كراهية ركوب المِحَفَّة لا لذاتها، بل لسترها بالديباج وغيره من الثياب الإبريسمية.
* * *
2971 - عن سهلِ بن معاذٍ، عن أبيه، قال: غَزَوْنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فضَيَّقَ الناسُ المنازلَ وقطعُوا الطَّريقَ، فبعثَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - مُنادِيًا يُنادي في النَّاسِ: "أنَّ مَن ضيَّقَ منزِلًا أو قطعَ طريقًا فلا جهادَ لهُ".
قوله: "فلا جهاد له"؛ أي: فلا كمالَ ثوابِ الجهاد له بإضراره الناس؛ لأنه إذا نزل في الطريق يمنع الناس من المرور، أو يضيقُ الطريق فيتضررون بالمرور، وإضرار الناس إثم.
* * *