يعني: إذا بلغ الإسلامُ في كلِّ ناحية، فحينئذ يحتاجُ الإمامُ إلى أن يرسِلَ في كلِّ ناحيةٍ جيشًا ليحاربَ من يَلِي تلك الناحيةَ من الكفار، كي لا يغلبَ كفارُ تلك الناحيةِ على أهل تلك الناحيةِ من المسلمين، فإذا احتاجَ الإمامُ إلى أن يرسلَ إلى كل ناحيةٍ جيشًا يحتاج إلى أن يجمعَ الجيشَ من كلِّ قبيلة، ومن كل بلدٍ من بلاد المسلمين.
فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه يكون في ذلك الوقت مَن لا يرغَبُ في الجهاد، بل يفِرُّ من قبيلته إلى قبيلةٍ أخرى، ويأخذُ أُجْرةً على الجهاد، ويمشي بما أخذ من الأجرة إلى الجهاد، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أنَّ مَن فَرَّ عن أمر الإمام وطاعته، ولم يَفِرَّ بأمر الإمام من غير الأجرة، ثم أخذ الأجرة من أحدٍ، وغزا بالأجرة لم يكنْ له ثوابٌ بمخالفة أمرِ الإمام، وبأخذِ الأجرة.
قوله: "يُقْطَعُ"؛ أي: يُؤْمَرُ ويُوْضَع.
"عليكم فيها"؛ أي: في تلك الجنود.
"بُعوثٌ"؛ أي: جنودٌ، و (البُعُوثُ): جمع بَعْث، وهو جماعةٌ يرسِلُها الإمام إلى ناحيةٍ للغزو.
"فيكْرَهُ الرجلُ البَعْثَ"؛ أي: يكونُ بعضُ الرجالِ يَكْرَهُ أن يخرُجَ بلا أجرةٍ إلى ذلك الغزو.
"فيتخَلَّصُ"؛ أي: فيخرُجُ من بينِ قومه، "ثم يتصفَّح القبائلَ"؛ أي: ثم يتتبَّعُ.
"من أَكْفِيه"؛ يعني: يقول لأهلِ تلكَ القبائل: مَن يعطيني أجرةً لأمشيَ إلى الغزو عنه، وأكفي؛ أي: أدفعُ عنه الخروجَ بنفسِه إلى الغزو.
"ألا وذلك الأجيرُ إلى آخرِ قطرةٍ من دمه"؛ يعني: وذلك الأجيرُ أجيرٌ، وليس بغازٍ إلى أن يُقْتَل؛ يعني: إذا رغبَ عن الثواب، وطاعةِ الامام، وأَخْذِ