ويكذبونه لا تقبل شهادته؛ لأنه فاسق؛ لأنَّ قَطْعَ الولاء عن المُعْتِق، وإثباتَ ولائه لمن ليس بمعتِقه كبيرة، وفاعلُ الكبيرةِ فاسقٌ، وكذلك الظَّنين في القرابة، وصورتُه أن يقول: أنا ابن فلان، وأنا أخو فلان من النسب، وهو كاذب بحيث يتَّهِمُه الناس، ويكذِّبونه في ذلك الانتساب لا تُقبَلُ شهادتُه؛ لما ذكرنا.
قوله: "ولا القانع من أهل البيت"، (القانعُ): السائلُ المُقْتَنع؛ أي: الصابرُ بأدنى قُوْت، والمراد به ها هنا: مَن كان في نفقةِ أحدٍ لا تُقبَلُ شهادتُه له؛ لأنه يَجُرُّ نَفْعًا بشهادته إلى نفسه؛ لأنَّ ما حصلَ من مالٍ للمشهود له يعودُ نفعًا إلى الشاهد؛ لأنه يأكلُ من نفقته.
وكذلك لا تُقبَلُ شهادةُ مَنْ جرَّ نفعًا بشهادته إلى نفسه كالوالد يشهدُ لولده، أو الولد يشهدُ لوالده، أو الغريمِ يشهدُ بمالٍ للمُفْلِس على أحد، وتُقْبَلُ شهادةُ أحدِ الزوجين لآخر، خلافًا لأبي حنيفة وأحمدَ، وتُقْبَلُ شهادةُ الأخِ لأخيه خلافًا لمالك.
* * *
2851 - وعن أبي هُريرةَ - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تجوزُ شهادةُ بَدَويٍّ على صاحِبِ قَرْيةٍ".
قوله: "لا تجوزُ شهادةُ بَدَويٍّ على صاحبِ قَرْية"، قال الخَطَّابي: إنما لا تُقبَلُ شهادةُ البَدَوِيِّ؛ لجهالتهم بأحكام الشريعة، وبكيفية تحمُّلِ الشهادةِ وأدائها، وغلبةِ النسيانِ عليهم، فإن عَلِمَ كيفيةَ تحمُّلِ الشهادة وأدائها بغير زيادة ونقصان، وكان عَدْلاً، مِن أهل قَبُول الشهادة جازت شهادتُه خلافًا لمالك.
* * *
2852 - عن عَوْفِ بن مالكٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى بينَ رَجُلينِ، فقالَ المَقْضيُّ عليهِ لَمَّا أَدبرَ: حَسْبيَ الله ونِعْمَ الوكيلُ، فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله يَلُومُ