عن الطَّوع والرغبة، وشرار الأئمة الذين ظلموا عليكم بحيث انعقدَتْ بينكم وبينهم عداوةٌ، بحيث تلعنوهم ويلعنونكم، ولم يذكر ها هنا: أنكم لا تُصَلُّونَ عليهم؛ لأن الصلاةَ واجبةٌ على كل مسلم وإن كان ظالمًا، ولا يجوز تَرْكُ الصلاة على ميتٍ مسلم، وإن كان بينه وبين مَنْ يصلي عليه عداوة، إلا إذا صلى عليه واحدًا أو أكثر، فإذا صُلِّيَ عليه سقط الفرض عن الباقين.
قولهم: "أفلا نناِبذُهُمْ عندَ ذلك"؛ يعني: أفلا نعِزلُهم عن الإمامة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا"؛ لأن عزل الإمام يهيج الفتنة، وتهييج الفتنة، لا يجوز.
* * *
2762 - عن أمِّ سلمةَ قالت: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يكونُ عليكم أمراءُ تَعرِفُونَ وتُنكِرون، فمَن أَنْكَرَ فقد بَرِئَ، ومَن كَرِهَ فقد سَلِمَ، ولكنْ مَن رضيَ وتابعَ"، قالوا: أَفَلا نُقاتلُهم؟ قال: "لا، ما صَلَّوا، لا، ما صلَّوا"، يعني: مَن كَرِهَ بقلبه وأنكرَ بقلبه.
قوله: "تَعِرفُون وتُنكرون"؛ يعني: سترون أنهم يفعلون أفعالاً ويقولون أقوالاً تعرفونها من الشرع، ويفعلون أفعالاً ويقولون أقوالاً تُنكرونها؛ أي: تنكرون كَونها من الشرع.
"فمن أنكر فقد برئ"؛ أي: فمن أنكر أفعالهم وأقوالهم القبيحة بلسانِهِ "فقد برئ" من الإثم، ومن لم يقدر أن ينكرها بلسانه، وكرهها بقلبه فقد سلم من الإثم أيضًا، ولكن "مَنْ رضيَ وتابَع"؛ يعني: ليس على المُنْكِرِ والكَاره إثمٌ، ولكنَّ الإثم على من رضيَ وتابَعَ أفعالهم وأقوالهم القبيحة.
قوله: "مَنْ كَرِهَ بقلبهِ ومَن أَنْكَرَ بقلْبهِ" هذا التفسير غير مستقيم؛ لأن الإنكار يكون باللسان، والكراهية تكون بالقلب، ولو كان كلاهما بالقلب لكانا