"وعلى أثَرَةٍ علينا"، (الأَثَرَة) بفتح الهمزة والثاء: اسم من (استأثرَ) الشيءَ: إذا استبدَّ به؛ أي: أخذه بخاصة نفسه، وفعل الشيء بنفسه من غير إذن أحد، والمراد من (أَثَرَة) في الحديث: أَنَّا نطيعُ الأمير، وإن كان يفعل شيئًا لنفسه بغير إذننا ورضانا، وإن كان يفضل أحدًا علينا من غير استحقاق، وإن كان يأخذ شيئًا لنفسه بغير رضانا؛ يعني: لا نخالفُهُ ولا نعصيه فيما يفعل، وإن كان شيئًا لا نرضى به.
قوله: "وعلى أن لا ننازعَ الأمرَ أهلَهُ"؛ يعني: بايعناه على أن لا نأخذ الحكم من الحاكم؛ أي: لا نعزلَ الأميرَ عن الإمارة، ولا نحاربُهُ.
"في الله"؛ أي: في أمر الله؛ أي: في سبيل الله.
"لومةَ لائمٍ": ملامَةَ لائمٍ؛ أي: عاذل؛ يعني: لا نخافُ إيذاءَ مَنْ يُؤذِينا فيما فيه رضى الله تعالى.
"إلا أن تروا كُفْرًا بَوَاحًا عندكم منَ الله فيه برهان"، (البَوَاح): الخالص والظاهر؛ يعني: لا تعزلوا الأميرَ إلا أن تروا منه كفرًا ظاهرًا لا يحتملُ تأويلاً، ويكون لكم بقتله في الكفر عند الله عذرٌ، فحينئذ جازَ أن تقتلوه بالكفر، وإن لم يصدر منه كفرٌ لا تقتلوه، ولا تعزلوه بصدورِ المعصية والظلم منه.
* * *
2759 - وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من رَأَى مِن أمِيرِه شيئًا يكرهُهُ فليصبرْ، فإنَّه ليسَ أحدٌ يُفارِقُ الجماعةَ شِبرًا فيموتُ، إلا ماتَ مِيتةً جاهليةً".
قوله: "مِيْتَةً جاهلية"؛ يعني: كانت عادة أهل الجاهلية أن يستقلَّ كلُّ واحدٍ برأيه وكلُّ جماعةٍ برأيهم، ولا يطيعون أميرًا.
وفي الشَّرع: لا يجوزُ هذا، بل يجبُ على المسلمين أن يكونَ لهم إمامٌ