"قال: لقد سألت عن عظيم، وإنه ليسيرٌ على مَن يسر الله تعالى عليه" يعني: قال رسول الله عليه السلام لمعاذ: لقد سألت عن شيءٍ عظيم مُشْكِلٍ فيتعسَّرُ الجواب، ولكنه "يسير"؛ أي: سهل "على من يسره الله تعالى عليه" الجواب؛ أي: سهَّل الله تعالى عليه الجواب.

وإنما قال رسول الله عليه السلام: (سألت عن عظيم) لأن معرفة العمل الذي يدخل الرجلَ الجنةَ مِن عِلْم الغيب، وعلمُ الغيب لا يعلمه أحدٌ إلا الله تعالى ومَن علَّمه الله تعالى، كقوله تعالى: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27].

قوله: "تعبد الله" يتناول الإتيانَ بجميع أوامر الله تعالى، والانتهاءَ عن جميع مناهيه؛ لأن العبادة معناها: الطاعة والإتيانُ بجميع الأوامر، وكذا الانتهاءُ عن جميع المناهي، والمقصود ها هنا بقوله: (تعبد الله): توحيد الله تعالى والإقرارُ بكون الله واحدًا لا شريك له في ملكه وألوهيته، وكل مَن سواه وسوى أسمائه وصفاته مخلوقٌ؛ يعني: الإتيان بهذه الأركان الخمسة - أعني الإقرار بوحدانية الله تعالى وإقام الصلاة وما بعده - هو العمل الذي يدخل الرجل الجنة، وقد ذكرنا قبل هذا عفو الذنوب بمشيئة الله تعالى.

قوله: "ألا أدلك" الهمزة في (ألا) للاستفهام، و (لا) للنفي، وتقديره: ثم قال: ألا أدلك "على أبواب الخير؟ " فقلت: بلى يا رسول الله، فلعله كان: قلت بلى، موجودًا هنا فنسيه الرواة؛ لأنه قال معاذٌ بعد هذا في هذا الحديث موضعين: قلت: بلى يا رسول الله.

وقوله عليه السلام في تفسير أبواب الخير: الصوم والصدقة والصلاة في جوف الليل، جَعَل هذه الأشياءَ أبوابَ الخير؛ لأن الصوم شديدٌ على النفس، وكذا إخراج المال في الصدقة، وكذا الصلاة في جوف الليل، فمَن اعتاد هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015