وقال أبو حنيفة: لا يجوز للغني أن يتملكها بعد السنة، بل يتصدق بها.
قوله: "فشأنك بها"؛ أي: فالزم شأنك؛ يعني: افعل بها ما شئت بعد السنة، إن شئت تملَّكْها، وإن شئت لا تتملَّكْها، بل اتركها لتكون في يدك أمانة ليجيء صاحبها.
قوله: "فضالة الغنم"؛ يعني: ما حكم غنم وجد في صحراء؟.
فأجابه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها: "لك، أو لأخيك، أو للذئب"؛ يعني: إن أخذتها فهي لك، وإن لم تأخذها يأخذها رجل آخر، وإن تركها الناس يأخذها الذئب؛ يعني: لا يجوز إضاعتها حتى يأخذها الذئب، بل خذوها، فإذا أخذتم، فإن شئتم فكلوها، والقيمة في ذمتكم إلى أن يجيء صاحبها، وإن شئتم فاحفظوها وأنفقوا عليها بالتبرع، ويجوز بيعها وحفظ ثمنها، وتعرِّفُها؛ أي: تعرف الغنم سنة، ثم يتملك ثمنها بعد السنة.
فإن أكلها فهل يجب عليه تعريفها، أم لا يعرفها، بل يسكت فإن جاء صاحبها يدفع قيمتها إليه؟ ففيه وجهان:
أصحهما: إن كان قيمتها أكثر من دينار أحمر يجب التعريف، وإن كان قَدْرَ دينار أو أقل لا يجب.
والغنم وكلُّ ما لا يقدر على دفع صغار السباع عن نفسه إذا وُجد في الصحراء هذا حكمه، وإن وجد في بلدٍ يلزمه أن يعرِّفها سنة كسائر اللقطات، وإن وَجد حيوانًا يقدر على دفع صغار السباع عن نفسه كالإبل والبقر والخيل والحمار، فإن وجد في صحراء لا يجوز لأحد أن يأخذها، بل يتركها إلى أن يأتيها صاحبها، فإن أخذها الإمام ليحفظها لصاحبها جاز، ولا يجوز لغيره أن يأخذه إلا (?) للحفظ، ولا للتملك، وإن وجد في بلد جاز أخذها وتعريفها سنة،