وغيرهما جازَ؛ لأنه إذا قال: بعتُ هذا الشيءَ إلا ثُلثَها، فعُلِمَ أن المَبيعَ هو الثُّلثانِ، وثُلثا ذلك الشيءِ معلومٌ، فتكون ثمرةُ ذلك البستانِ مشتركًا بين البائع والمشتري؛ ثلثُها للبائع، وثلثانِ للمشتري.

قوله: "ورخَّص في العرايا"، (العَرَايا) جمع: (عَرِيَّة) بتشديد الياء، وهي أن يبيع الرجلُ الرُّطَبَ على رأس النخل بالتمر على وجه الأرض، والقياسُ بطلانُ هذا البيعِ؛ لأن بيعَ الرُّطَبِ بالتمر غيرُ معلومٍ كونُهما متماثلَين، ولكن جاؤوا - فقراءَ المدينة - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: يا رسولَ الله! قد نهيتَ عن بيع الرُّطَب بالتمر، وليس عندنا الذهبُ والفضةُ نشتري به الرُّطَبَ، ونشتهي الرُّطَبَ، وعندنا التمرُ، فرخَّص لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشتروا الرُّطَبَ بالتمر بخمسِ شرائط:

إحداها: أن يكون الرُّطَبُ على رأس النخل.

والثانية: أن يَخرصَ الرُّطَبَ خارصٌ ويُقدِّره تمرًا، مثل أن يقول: إذا يبسَ يكون قَدْرُه مئَة مَنٍّ مَثَلاً.

الثالثة: أن يُسلِّمَ المشتري التمرَ تحت النخيل إلى البائع، ويُسلِّمَ البائعُ النخلَ مع الرُّطَب إلى المشتري؛ ليأكلَ من الرُّطَب ما شاء وكما شاء.

والرابعة: أن يكون التمرُ بقَدْرِ ما خرصَ الخارصُ الرُّطَبَ بتقدير الجفاف؛ ليكونا متماثلَين.

الخامسة: أن يكون التمرُ بقَدْر ما خرصَ قَدْرَ الرُّطبِ المخروصِ بتقدير الجفاف أقل من ثمان مئة مَنٍّ، وهل يجوز ثمان مئة مَنٍّ؟ فيه قولان:

أحدهما: يجوز؛ لأن الراوي شك أنه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص في خمسةِ أَوسُق أو فيما دون خمسة أَوسُق، وخمسة أَوسُق ثمان مئة مَنٍّ، فإذا تردَّد الراوي فالظاهرُ أنه يكون خمسةَ أَوسُق؛ لأنه حدٌّ معلومٌ، وحدودُ الشرع كلُّها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015