واجتَنَبَ، (استبرأ لدينه وعرضه)؛ أي: طلبَ الطهارةَ لدِينِه وعِرْضه، و (العِرض): يحتمل أن يكون بمعنى النفس هنا، ويحتمل أن يكون بمعنى الصفات؛ يعني: طهَّر دِينَه وبدنَه وصفاتِه من العقوبة، ومِن أن يشتمَه ويذمَّه أحدٌ لقلة المبالاة بالشُّبهات؛ فإنَّ مَن أكلَ الشُّبهاتِ يمكن أن يأكلَ مالًا حرامًا وهو لا يدري كونَه حرامًا، فيجب له العقوبةُ، ولا يكون معذورًا عند الله تعالى بأكل الحرام ولا يدري كونَه حرامًا، وكذلك ينسبه الناسُ إلى ترك التقوى وقلة المبالاة بطلب الحلال.
قوله: "ومَن وقع في الشُّبهاتِ وقعَ في الحرام"؛ يعني: مَن لم يجتنبِ الشُّبهاتِ يمكن أن يقعَ في الحرام بطريقَين:
أحدهما: أن يأكلَ حرامًا وهو يظنُّه حلالًا، والثاني: أن يقسوَ قلبُه بأكل الشُّبهاتِ، فإذا قسا قلبُه بأكل الشُّبهات يجترئ بأكل الحرام ولا يبالي.
"الحمى": الروضة التي أَمَر السلطانُ ألا يرعاها أحدٌ؛ ليرعاها مَن أراد السلطان.
"يوشك"؛ أي: يسرع ويَقرُب.
"أن يرتعَ فيه"؛ أي: يرعاه.
قوله: "ألا وإن لكل مَلِكٍ حِمًى"، (ألا) معناه: اعلم، يقال للواحد والأكثر، والمذكر والمؤنث، وبهذا اللفظ من غير تغيير؛ يعني: كلُّ مَلِكٍ من الملوك يحمي حِمًى؛ أي: يحفظُ روضةً، ويمنع الناسَ عن أن يرتعوه، فكذلك الله تعالى يحمي حِمًى، وينهى الناسَ عن أن يدخلوه ويَقْرَبوه، وهو المحَّرمات، فكما أن مَن دخلَ حِمَى المَلِك يستحقُّ أن يعذِّبَه ذلك المَلِكُ، فكذلك مَن فعلَ شيئًا مما حرَّمه الله استحقَّ أن يعذَّبَه الله، فإن شاء الله عذَّبه، وإن شاء غفرَ له.
قوله: "وإن في الجسد لَمُضغةً إذا صلحتْ صلحَ الجسدُ كلُّه، وإذا