وسبب تحريم صيد ذلك الموضع، وقطع أشجاره: ليكون لمَنْ سكنه من الغزاة، ولمَنْ مَرَّ به وسكن هناك أيامًا بفَرَحٍ وأُنْسٍ؛ فإن الإنسان يطمئن قلبه بمَسْكَنٍ فيه صيود وأشجار.
وهل يبقى تحريمه أبدًا، أو صار مباحًا بعدما انقرض الزمان الذي عَيَّنَهُ رسول الله - عليه السلام - لتحريم وَجٍّ إن عين زمانًا، أو بعدما انقرض أولئك الغزاة إن عين جماعة؟ ففيه خلاف.
قال الخطابي: ويحتمل أن يكون ذلك التحريم إنما كان في وقت معلوم، وفي مدة محصورة، ثم نُسخ، فعاد: الأمرُ إلى الإباحة كسائرِ بلادِ الحِلِّ، هذا لفظ الخطابي.
ثم قال محيي السنة بعد هذا: وفي هذا المعنى: (النَّقيع) بالنون، وهي حمى حماه رسول الله - عليه السلام - لإبل الصدقة، ونِعَم الجزية، فيجوز الاصطياد؛ لأن المقصود منه منع عامة الناس من رعيه، لا منعهم عن قتل الصيد.
فلو أتلف شيئًا من شجره؟
قال صاحب "التلخيص": عليه غرم ما أتلف كحشيش الحرم، ولا يجوز بيع النَّقيع، ولا بيع شيء من أشجاره كالموقوف.
* * *
2013 - وعن جَرِيْر بن عبد الله - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلي الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ الله تعالَى أَوْحَى إليَّ: أَيَّ هؤُلاءِ الثَّلاثَةِ نَزَلْتَ فَهيَ دَارُ هِجْرَتِكَ: المَدِينَة، أو البَحْرَيْن، أو قِنَّسْرِين".
قوله: "أو قِنَّسْرِين"، وهذا بلد بالشام (?).