قوله: "حرام ما بين مَأزِمَيْها" تثنية (مَأْزِم)، وهو الموضع الضيق من الجبلين، المراد بـ (مأزميها): جانبا المدينة.

قوله: "أن لا يُهْرَاق" بسكون الهاء؛ أي: لا يسفكُ فيها دم حرام؛ يعني: لا يحارب فيها، فإن قيل: سفك الدم الحرام محرم في جميع المواضع، فأي فائدة في تخصيص المدينة؟ قلنا: سفك الدم الحرام والمحاربة محرم في جميع المواضع، وفي سكَّة المدينة أشد تحريمًا؛ لأن الموضع إذا كان شريفًا يكون الذنب فيه أكثر إثمًا، والطاعة فيه أكثر ثوابًا.

والغرض من هذا الحديث: بيان تغليظ إثم الذنوب في المدينة.

قوله: "ولا تُخْبَطَ"؛ أي: ولا يضرب شجر؛ لتتساقط الأوراق، (الخَبْطُ): ضرب الشجر لتتساقط أوراقه.

* * *

1995 - ورُوي أنَّ سعدًا وَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أو يَخْبطُهُ، فَسَلَبَهُ، فَجَاءَهُ أَهْلُ العَبْدِ، فَكَلَّمُوهُ أنْ يَرُدَّ ما أَخَذَ مِنْ غُلامِهِمْ، فقال: مَعَاذَ الله أنْ أَرُدَّ شَيْئًا نفَّلَنِيهِ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: "نَفَّلَنيه" بتشديد الفاء؛ أي: أعطانيه، (التنفيل): إعطاء النفل - بفتح الفاء - وهو الغنيمة، يعني بقوله (نفَّلنيه): أمر رسول الله - عليه السلام - بسلب ثياب من قطع شجرًا، أو قتل صيدًا في حرم المدينة، فإذا أخذت ثياب عبدكم بأمر رسول الله - عليه السلام - لا أردها عليكم.

* * *

1996 - وقالت عائشة رضي الله عنها: لَمَّا قَدِمَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وُعِكَ أبو بَكْرٍ وبلالٌ، فجِئْتُ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ، فقال: "اللهمَّ حَببْ إلَيْنَا المَدينَةَ كَحُبنا مَكَّةَ أوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْها لَنَا، وبارِكْ لنا في صاعِها ومُدِّها، واَنْقُلْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015