وهو بالأَبْوَاءِ - أو بَوَدَّانَ - فَرَدَّ عليهِ، فلمَّا رأَى ما في وَجْهِهِ قال: "إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلاَّ أنَّا حُرُمٌ".

قوله: "أهدى لِرسول الله - عليه السلام - حمارًا وحشيًا وهو بالأَبْوَاء أو بِوَدَّان فَرَدَّ عليه، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نَرُدَّهُ عليك إلا أَنَّا حُرُم"، (أهدى)؛ أي: أرسل إليه، (الأَبواء والوَدَّان): موضعان.

(فرد عليه)؛ أي: لم يقبل رسول الله - عليه السلام - ذلك الحمار منه، (فلما رأى ما في وجهه)؛ يعني: فلما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما في وجه صاحب الحمار من أثر التأذي؛ برده - عليه السلام - الحمار إليه، فاعتذر إليه رسول الله - عليه السلام - وقال: (إنا لم نَرُدَّه)، يعني: لم نَرُدَّهُ عليه لتكبر أو لقلة حرمتك عندنا، بل لأن هذا صيد، ونحن محرمون، ولا يحلُّ الصيدُ على المحرم الحُرُم - بضم الحاء والراء - جمع حَرَام، وهو الذي أحرم بالحج والعمرة.

* * *

1962 - عن أَبِي قَتَادَةَ: أنَّهُ خَرَجَ معَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَخَلَّفَ مَعَ بعضِ أَصْحَابهِ وهم مُحْرِمُونَ، وهو غيرُ مُحْرِمٍ، فرَأَوْا حِمارًا وَحْشيًا قَبْلَ أَنْ يراهُ، فلمَّا رأَوهُ تَرَكُوهُ حَتَّى رآهُ أبو قَتادَةَ، فرَكِبَ فَرَسًا له، فسأَلَهُمْ أنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فأَبَوْا، فتَنَاوَلَهُ، فحَمَلَ عليهِ فَعَقَرَهُ، ثُمَّ أَكَلَ، فأكلُوا، فَنَدِمُوا، فلمَّا أَدْركُوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، سأَلُوه قال: "هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شيء؟ " قالوا: مَعَنا رِجْلُهُ، فأَخَذَهَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَكَلَها.

وفي روايةٍ: فلمَّا أَتَوْا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ "، قالوا: لا، قال: "فكُلُوا ما بَقِيَ مِنْ لَحْمِها".

قوله: "فتخلف"؛ أي: فتأخر أبو قتادة مع جماعة عن رسول الله - عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015