قوله: "واستعفاه"؛ أي: طلبَ العفو، وهو التجاوزُ؛ يعني: طلبَ أن يخلِّصَه برحمتِه من النار.
* * *
(باب حجة الوداع)
1841 - قال جابرُ بن عبد الله - رضي الله عنه -: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَكَثَ بالمدينةِ تِسْعَ سِنين لم يَحُجَّ، ثُمَّ أَذِّنَ في النَّاسِ بالحَجِّ في العَاشِرَةِ، فَقَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كَثيرٌ، فَخَرَجْنا مَعَهُ حَتَّى إذا أَتَيْنا ذا الحُلَيْفَةِ وَلَدَتْ أسماءُ بنتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بن أبي بَكْرٍ، فأرْسَلَتْ إلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: كَيْفَ أَصنَعُ؟ قال: "اَغْتَسِلِي، واَسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي"، فَصَلَّى - يعني رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ في المسجِدِ، ثمَّ رَكِبَ القَصْوَاءَ حتَّى إذا اَسْتَوَتْ بِهِ ناقَتُهُ على البَيْدَاءِ، أَهَلَّ بالتَّوْحِيدِ: "لَبَّيْكَ اللهمَّ لَبَّيْكَ، لا شَرِيكَ لكَ، إنَّ الحَمْدَ والنِّعْمَةَ لكَ والمُلْكَ، لا شَرِيكَ لكَ"، وقال جابر: لَسْنَا نَنْوِي إلَّا الحَجَّ، لَسْنا نَعْرِفُ العُمْرَةَ، حتَّى إذا أتَيْنَا البَيْتَ مَعَهُ اَسْتَلَمَ الرُّكْنَ وطافَ سَبْعًا: رَمَلَ ثلاثًا، ومشى أرْبَعًا، ثُمَّ تَقَدَّمَ إلى مَقامِ إبراهيمَ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، فَصَلَّى ركعَتَيْنِ جَعَلَ المَقامَ بينَهُ وبَيْنَ البَيْتِ.
ويُروى: أنَّه قَرَأَ في الرَّكْعَتَيْنِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}.
ثُمَّ رَجَعَ إلى الرُّكْنِ فاَسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الباب إلى الصَّفا، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفا قرَأَ: " {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، أَبْدَأُ بما بَدَأَ الله به"، فَبَدَأَ بالصَّفا، فَرَقِيَ عَلَيْهِ حتَّى رأَى البَيْتَ، فاَسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَوَحَّدَ الله وكَبَّرَهُ، وقال: "لا إله إلَّا الله وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ،