حَصَيات فحينئذ يحلُّ له التطيُّبُ والقَلْمُ ولُبْسُ المَخِيطِ والحَلْقُ، وبقي تحريمُ مباشرةِ النساءِ وَقَتْلُ الصيد إلى أن يطوفَ طوافَ الفَرْض.
واعلم أن العلماء اختلفوا في أفضلِ أنواعِ الحَجِّ، فقال الشافعيُّ ومالك: الإفرادُ أفضلُ، وهو أن يُحْرِمَ بالحجِّ ويُتِمَّه، ثمَّ يحرمَ بالعمرة لحديث عائشةَ وحديث جابر.
وقال أحمد بن حنبل: التمتُّعُ أفضلُ لحديث ابن عمرَ أن رسول الله عليه السلام تمتَّعَ.
والتمتُّعُ: أن يُحرمَ بالعمرة ويفرغ، ثم يحرِمَ بالحج من جوف مكة.
وقال أبو حنيفة: إن القِرانَ أفضلُ لحديث أنس، وقد ذُكِرَ قُبيلَ حديثِ عائشة هذا.
واعلم أن رسول الله عليه السلام لم يَحُجَّ بعد وجوب الحجِّ إلا مرةً واحدةً، وهو حجُّه في السنة العاشرة، ويسمَّى حجَّةَ الوداع، واختلفَ الصحابةُ في أن حجَّه إفرادٌ أو تمتُّعٌ أو قِرَانٌ، فروى بعضُهم أن إحرامَه كان بالحج، فلما فرغَ منه أحرمَ بالعمرة.
وروى بعضهم أنه أحرم بالعمرة فلما فرغَ منها أحرمَ بالحج، وروى بعضهم أنه أحرم بهما جميعًا، ويسمَّى حجُّه على هذه الصفة قِرانًا.
قال الخَطَّابي: طعنَ جماعةٌ من الجُهَّالِ والملحِدين في أصحاب الحديث، وقالوا: إذا أثبتُّم أن رسول الله عليه السلام لم يحجَّ إلا حَجَّةَ الوداعِ فكيفَ كان في حَجَّةٍ واحدةٍ مفرِدًا ومتمتِّعًا وقارنًا؟.
فأجابهم الخَطَّابي: وقال الشافعي في تأويل هذا إنَّ رسولَ الله عليه السلام لم يَحُجَّ بنفسه إلا نوعًا واحدًا، وهو إما إفراد أو تمتُّعٌ أو قِران.
وما رُويَ عنه من الأنواع الثلاثةِ واحدٌ، منها فَعَلَه بنفسه، والباقي أَمَرَ به