مِنَ الحِسَان:
1794 - عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدْعُو يقولُ: "ربِّ أعِنِّي، ولا تُعِنْ عليَّ، واَنْصُرْنِي، ولا تَنْصُرْ عليَّ، وامكُرْ لي، ولا تَمْكُرْ عليَّ، واَهدِنِي، ويَسِّرْ الهُدَى لي، واَنْصُرْنِي على مَنْ بَغَى عليَّ، ربِّ اَجعلني لكَ شاكرًا، لك ذاكِرًا، لك راهِبًا، لك مِطْواعًا، لك مُخْبتَاً، إليك أوَّاهًا مُنِيبًا، ربِّ تقبَّلْ توبَتي، واَغسل حَوْبَتِي، وأَجِبْ دعوَتي، وثَبتْ حُجَّتِي، وسَدِّدْ لِساني، واَهدِ قَلْبي، واَسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْري".
قوله: "ولا تُعِنْ عليَّ"؛ يعني: ولا تغلِبْ عَلَيَّ أعدائي، أعان زيدٌ عَمْرًا إذا نَصَرَه، وأعان زيدٌ على عمرٍو إذا نَصَرَ أعداءَ عمروٍ حتى حاربوا عَمْرًا، ومثلُه: "وانصُرني ولا تَنْصُرْ عَلَيَّ".
فإن قيل: فإذا كان معناهما واحدًا، فأيُّ فائدةٍ في التكرار؟.
قلنا: أكثرُ استعمالِ الإعانةِ في الدعاءِ في طلبِ إعانةِ الله على الذَّكرِ والطاعة، وأكثرُ استعمالِ النُّصرةِ في طلبِ النُّصْرَةِ على الأعداء.
فقوله: "أعنِّي ولا تُعِنْ عَلَيَّ"؛ معناه وفِّقْني لذكرِك وشُكرِك وعبادتِك، ولا تُغَلَّبْ عليَّ مَن يَمنعُني عن طاعتِك من شياطينِ الإنس والجِنَّ.
قوله: "وانصُرْني ولا تَنْصُرْ عليَّ"؛ معناه: اللهم غَلِّبني على الكفَّارِ ولا تُغَلَّبْهم عليَّ.
"وامكُرْ لي ولا تَمْكُرْ عليَّ".
(المَكْرُ): الحِيلةُ والتفكُّرُ في دَفْعِ العدوَّ على وجهٍ لا يَعرِفُ العدوُّ طريقَه.
ومعنى هذا الكلام: اللهم اهدني على طريقِ دفعِ العَدُوِّ، ولا تَهْدِ العدوَّ على طريقِ دَفْعٍ عن نَفْسِه.