صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فقد اعترفَ بنبوة محمد عليه السلام وقبلَ قولَهُ، فإذا صدَّقه على الرسالة، وقبل قوله في الصلاة، واستقبلَ القبلة، فالظاهرُ والغالبُ أنه لا ينكرُ شيئًا مما أمره النبي - عليه السلام - من أحكام الدين، فإذا كان كذلك، فلا حاجةَ إلى ذكر جميع الأركان؛ لأن ذكر ما في هذا الحديث يدلُّ على الباقي.
* * *
12 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أتى أعرابيٌّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: دُلَّنِي على عَملٍ إذا عملتُهُ دخلتُ الجنّةَ، قال: "تعبدُ الله ولا تشركُ به شيئًا، وتُقيمُ الصَّلاةَ المكتوبةَ، وتُؤدِّي الزكاةَ المفروضةَ، وتصومُ رمضانَ"، فقال: والذي نفسي بيدِهِ، لا أزيدُ على هذا، ولا أنقُصُ منه، فلما ولَّى قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سرَّهُ أنْ ينظرَ إلى رجلٍ مِنْ أهلِ الجنَّةِ فلينظُرْ إلى هذا".
قوله: "أتى أعرابي"، ففي بعض النسخ: "أتى أعرابي النبي عليه السلام" وفي بعضها: "أتى أعرابي إلى النبي عليه السلام"، وكلاهما بمعنى واحد. "دُلَّ" بضم الدال وفتح اللام: أمرُ مخاطب؛ من دَلَّ يدُل دلالة: إذا أرشد أحدًا إلى صراط مستقيم أو إلى أمر.
"قال: تعبد الله"؛ أي: قال رسول الله عليه السلام: العمل الذي إذا عملته دخلت الجنة أن تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، ولا تقول بوجود إله سوى الله، بل تقول وتعتقد أن لا إله إلا الله، وأن تخلص العبادة له، وتحترزَ عن الرياء؛ فإن الرياءَ شركٌ خفي.
فإن قيل: لم لم يكن في الحديث ذكر: محمد رسول الله، ولا يصحُّ الإيمان إلا بالإقرار برسالة محمد عليه السلام؟