فإن قيل: ذكر للمتعتع لسانه أجرين، ولم يذكر للماهر أجرين، فلزم من هذا أن يكون المتعتعُ أفضلَ من الماهر.
قلنا: لا يلزم هذا؛ لأن رسول الله - عليه السلام - ذكر لكلِّ واحد فضيلةً؛ ليكون تحريضًا له على القراءة، فذكر للمتعتع حصول أجرين، وذكر للماهر كونه مع السفرة، فكون الرجل مع السفرة لا ينقص من حصول أجرين.
روت هذا الحديث عائشة.
* * *
1513 - وقال: "لا حَسَدَ إِلَّا في اثْنَتَيْنِ: رجُلٌ آتاهُ الله القُرْآنَ، فهو يَقُومُ بهِ آناءِ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، ورجُلٌ آتاهُ الله مالًا فهو يُنْفِقُ منهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ".
قوله: "لا حسدَ إلا على اثنين"، الحسد هنا بمعنى: الغبطة؛ لأن الحسدَ أن يتمنَّى الرجلُ زوالَ النعمة من أحد، وهذا لا يجوزُ في الشرع.
والغبطةُ: ألَّا يتمنَّى زوالَ النعمة من أحد، ولكن يتمنَّى أن يكون مثله، وهذا جائزٌ في الشرع؛ يعني: لا ينبغي للمسلم أن يكون مثلَ صاحبِ نعمةٍ في النعمة إلا أن تكونَ تلك النعمةُ تقرِّبه إلى الله، كتلاوة القرآن، والتصدق بالمال، وغيرهما من الخيرات.
روى هذا الحديث ابن عمر.
* * *
1514 - وقال: "مثَلُ المُؤْمِن الَّذي يَقْرَأُ القُرْآنَ مَثَلُ الأُتْرُجَّةِ ريحُها طَيبٌ وطَعْمُها طَيبٌ، ومَثَلُ المُؤْمِنِ الَّذي لا يَقْرَأُ القُرآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ لا رِيحَ لها وطَعْمُها حُلْوٌ، ومَثَلُ المُنافِقِ الَّذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الحَنَظَلَةِ لَيْسَ لَها ريحٌ وطَعْمُها مُرٌّ،