حجرتي، فأسرِّحُ شعرَ رأسه، وهذا دليلٌ على أن الاعتكافَ في المسجد، وعلى أن المعتكف لو أخرجَ بعضَ أعضائه من المسجد لا يبطلُ اعتكافُهُ.
قولها: "وكان لا يدخلُ البيتَ إلا لحاجة الإنسان"، هذا دليلٌ على أن المعتكفَ إذا خرج من المسجد لِمَا لا بدَّ له منه، كالأكل والشرب ودخول المستراح، لا يبطلُ اعتكافه، وإن خرج لِمَا له منه بدٌّ بطلَ اعتكافُهُ إن نوى أيامًا متتابعة، ويلزمه الاستئنافُ، وإن لم يذكر أيامًا، بل اعتكفَ من غير تعيين المدة، فإذا خرج حصلَ له ثوابُ الوقت الذي اعتكف، ثم إذا دخل المسجدَ بعد الخروج، يستأنفُ النية.
* * *
1504 - ورُوي عن عمر - رضي الله عنه -: أنَّه سَأَلَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: كُنْتُ نَذَرْتُ في الجاهِلِيَّةِ أنْ أعْتكِفَ لَيَلْةً في المسْجِدِ الحَرامِ، قال: "فأوْفِ بنذْرِك".
قوله: "فأوفِ بنذرِكَ"، هذا دليلٌ على أنَّ الكافرَ لو نذر في حال الكفر بما يجوزُ نذرُهُ في الإسلام صحَّ نذرُهُ، ويلزمه الوفاءُ به إذا أسلمَ، وكذلك لو حلفَ أو ظاهرَ في حال الكفر، وحنث في حال الكفر أو بعد الإسلام، لزمته الكفارةُ عند الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يصحُّ نذرُ الكافر ولا يمينه ولا ظهاره.
* * *
مِنَ الحِسَان:
1505 - عن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَعْتكِفُ في العَشْرِ الأَواخِرِ مِنْ رَمَضانَ، فَلَمْ يَعْتَكِفْ عامًا، فَلَمَّا كانَ العامُ المُقْبلُ اعْتكَفَ عِشْرِينَ.