فمن أنكر فرضًا من الفروض، أو اعتقد شيئًا حرامًا أنه حلال، أو شيئًا حلالًا أنه حرام، كفر بالإجماع.

أما من لم ينكر شيئًا من الواجبات، ولم يعتقد استحلالَ محرَّم، ولا تحريمَ حلال، فانظر؛ فإن لم يقرَّ بلسانه بكلمتي الشهادة، فهو كافر أيضًا بالإجماع، ولو أقر بلسانه بكلمتي الشهادة، واعتقد بقلبه فرضية ما هو فرض عليه، ولم يعمل بالأركان، فهو مؤمن عند أكثر أهل السنة والعلم، ولكنه مؤمنٌ ناقصٌ عند الشافعي - رضي الله عنه -؛ لأن عنده جميعُ شعب الإيمان من الإيمان، فيكون المؤمن ناقصًا بقدر ما ينقص من عمله، والإيمانُ عنده يزيدُ وينقصُ؛ يزيد بالعمل الصالح، وينقص بالمعصية.

وعند أبي حنيفة رحمه الله: هو مؤمنٌ من غير أن يكون في إيمانه نقصانٌ، بل هو ناقصُ العمل، لا ناقص الإيمان، والإيمان لا يزيد بالطاعة، ولا ينقص بالمعصية؛ لأن شعبَ الإيمان عنده ليست من الإيمان، بل هي من حقوق الإيمان.

ولكلَّ واحدٍ منهما حججٌ وأدلة كثيرة على قوله، وليس هذا موضع ذكرها.

قوله: "فأفضلها قول: لا إله إلا الله"، فها هنا بحثان:

أحدهما: أن الضمير راجع إلى (بضع وسبعين شعبة)، وهذا عند الشافعي - رحمه الله - يستقيم، لأنه جعل ما سوى قول: (لا إله إلا الله) من الشعب الباقية من جملة الإيمان، فإذا كان جميعها من الإيمان، فتكون (لا إله إلا الله) منها، فيجوز أن يقال: أفضلها: لا إله إلا الله، كما يقال: أفضل القوم زيد.

وبيان أن قول: (لا إله إلا الله) أفضلُ من الشعب الباقية؛ لأن من لم يقل: لا إله إلا الله، فهو كافر، ومن ترك الشعب الباقية لا عن اعتقادٍ، فهو مؤمن ناقص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015