عيش"، (القوام) بكسر القاف: ما يقوم به الشيء، و (قوامٌ من عيش)؛ أي: ما يكون به العيش من قُوتٍ ولباس، و (السداد) بكسر السين: ما يسدُّ به الفقر؛ أي: يدفع.
قوله: "ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه"، (الفاقة): الفقر، (الحجى): العقل؛ يعني: أصابه فقرٌ ظاهرٌ بحيث يَعلم حالَه جيرانُه وأقاربه، وشهد مَن علم حاله أنه فقيرٌ محتاج، فحينئذٍ يجوز له أن يسأل الزكاة؛ لأن الرجل لا تحل له الزكاة إلا إذا كان فقيرًا أو مسكينًا، وغيرهما من المذكورين في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} إلى آخر الآية [التوبة: 60].
هذا بحثُ سؤالِ الزكاة.
فأما سؤالُ صدقة التطوع: فإن كان لا يقدر على كسب؛ لكونه زمنًا، أو ذا علة أخرى، جاز له السؤال بقَدْرِ قوتِ يومه، ولا يدَّخر، وإن كان يقدر على الكسب، فإن ترك الكسب لاشتغاله بتعلم العلم تجوزُ له الزكاة وصدقة التطوع، وإن ترك الكسب لاشتغاله بصلاة التطوع وصيام التطوع، لا تجوز له الزكاة، وتكره له صدقة التطوع.
فإن جلس واحد أو جماعة في بقعة واشتغلوا بالطاعة ورياضة الأنفس وتصفية القلوب، يستحبُّ لواحدٍ أن يسأل صدقة التطوع وكسراتِ الخبز واللباس لأجلهم، وينبغي أن تكون نيةُ السائل كفافَ أسباب هؤلاء، لا كفافَ نفسه، فإذا كانت نيته كفافَهم وأكلَ معهم لم يكره له.
وشرط السائل تركُ الإلحاح والمبالغةِ في السؤال، بل ليقل إذا طاف في الأسواق أو السكوك: مَن يعطي شيئًا لرضا الله، من غير أن يواجه أحدًا، أو يُغلظ القول في الخطاب، فإن أعطاه أحدٌ ليدْعُ له، وإن لم يعطه أحدٌ فلا يجوز له أن يغضب ويشتم أحدًا، أو يغلظ القولَ على أحد، فإن السائل بهذه الصفة