وقد سمع أو ظنَّ أن خالدًا جعل هذه الأشياء للتجارة، وطلب منه زكاة التجارة ولم يُعطه خالد، فشكى إلى رسول الله - عليه السلام - مَنْعَ خالدٍ الزكاةَ، فقال رسول الله - عليه السلام -: ليست هذه الأشياءُ مالَ التجارة، بل جعلها خالدٌ وقفًا في سبيل الله تعالى، ولا زكاة في الوقف.
وقد قيل في تأويله غير هذا، ولكن المختار هذا.
قوله: "فهي عليَّ ومثلُها معها": قال أبو عبيدة: تأويله: أن رسول الله - عليه السلام - أخَّر زكاةَ تلك السنة لعباس والسنةَ الثانية؛ لأنْ يؤدِّيَها في السنة الثالثة زكاة السنتين الماضيتين، لمَّا رأى احتياج عباس وضيقَ يده، قوله: "عليَّ"؛ أي: أنا ضامنٌ بوصول هذه الزكاة من عباس إلى المستحِقِّين.
وقيل: تأويله أنه - عليه السلام - أخذ زكاة سنتين من العباس قبل وجوبها، فلما طلب الساعي الزكاة من العباس، قال رسول الله عليه السلام: قد وصلت إليَّ زكاتُه.
قوله: "ومثلها معها"؛ أي: زكاة هذه السنة ومثلُها؛ أي: زكاة السنة الثانية، وتعجيلُ زكاة سنةٍ جائزٌ، وفي السنة الثانية خلافٌ.
قوله: "أما شعرت"؛ أي: أما علمتَ، الهمزة للاستفهام، وما للنفي.
قوله: "صنو أبيه"، (الصنو): النخلة التي تَنبتُ بجنب نخلةٍ أخرى بحيث يكون أصلهما واحدًا، يعني عليه السلام: الرجل وأبوه كلاهما من أصلٍ واحد؛ يعني: إذا علمت أنه وأبي من أصلٍ واحد فلا تقلْ له ما يتأذَّى منه محافظةً لجانبي.
روى هذا الحديث أبو هريرة، وأبو الزناد.
* * *