خيانة رسول الناصر إلى التتار وزيره الزين الحافظي ((فقد جعلوك خبزاً ومعيشة)) (?).
لقد كان الكامل واحداً من الملوك القلّة الذين تجرّؤوا على مجرّد التفكير بالمقاومة وربما كان ذلك لتقديره الصحيح للموقف فقد قتل التتار الملوك المستسلمين والخاضعين والمقاومين على السوء، وهذا ما أثبتت الأيام صحته (?).
4 ـ ردّ الناصر على مشروع الكامل: ما إن علم الملك الناصر بتوجه الكامل المتمرد على التتار نحوه حتى جمع أرباب دولته واستشارهم، فكان رأي الأغلبية منهم استقبال الكامل، والاستماع إلى ما جاء من أجله، بينما عارض ذلك الزين الحافظي والصالح نور الدين بن المجاهد والملك الاشرف بن المنصور صاحب حمص، فإنهم كانوا متفقين مع التتار وقال الزين الحافظي للناصر: متى بلغ هولاكو خروجك إليه جعله سبباً إلى قصد بلادك والمصلحة اعتذارك إليه، وردّه، فلم يمكن الناصر إلا موافقة الجم الغفير، فخرج إليه، وتلقّاه وأنزله بدار السعادة (?)، إن ما نستنتجه من ما دار في مجلس الملك الناصر هو أن أعوان التتار يشكلون حزباً له وجوده حتى في حاشية الملوك، ولكنّهم قلة، وأن معظم الناس كان مشاعرها ضد التتار، وتميل للمقاومة مهما كانت النتائج، لقد استمع الملك الناصر ولم يوافق على مشروع الكامل، فبعد أن عرض الكامل مشروعه للمسير إلى بغداد أيّد جميع الحاضرين في المجلس هذا المشروع، ما عدا حزب التتار، فقد كانت لهم جرأة في المعارضة، أما الملك الناصر، فكان ردّه متخاذلاً أكثر من تخاذله على أرض، إذ عرض على الكامل أن يرسل من طرفه رسولاً ليشفع له عند هولاكو، فأجابه الكامل قائلاً: جئتك في أمر ديني تُعوّضني عنه بأمر دنيوي؟ فقال: متى نزلوا عليك ارسلتُ لك عسكراً. فأجاب الكامل: هذا لا ينفعني حينئذ، إذ لا وصول له إلي (?)،
لقد مثل الكامل إرادة الجهاد والمقاومة مهما كلف الثمن، واختار الشهادة بعزة إن لم يكن النصر، أما الملك الناصر، فقد عبّر عن جبنه وتخاذله وحيرته وتردده وانعدام قدرته على اتخاذ قرار ناجح في لحظة تحتاج إلى قرار، وبقي الكامل في دمشق حتى سمع سقوط بغداد، فرجع إلى بلاده عن طريق حلب، حيث التقى به ابن شداد وقال له: أصبت في قصدك الملك الناصر، وما أصبت