جـ ـ مشروع التحالف بين المغول والمسيحيين: قابل منكوقاآن سفير لويس باحترام وأكرم وفادته وسمح له بأن يناظر العلماء البوذيين والمسلمين في حرية تامة، إلا أنه لم يعطه جواباً مقنعاً فيما يتعلق بتكوين إتحاد مع المسيحيين، بل أنه طلب إليه أن يسارع لويس مع جميع الملوك المسيحيين إلى الدخول في طاعته، وقد مكث ((روبروق)) خمسة أشهر في قراقوم وفي النهاية عاد إلى الشام حيث قابل لويس في مدينة عكا وقدم إليه الرسالة (?)، كان الخان المغولي الكبير لا يقبل أن يكون سيد في العالم سواه، وكانت سياسته الخارجية بالغة البساطة، إذ أن أصدقاءه يعتبرون أتباعاً له، أما أعداؤه فينبغي استئصال شأفتهم، أو إخضاعهم حتى يكونوا أتباعاً له، وكل ما استطاع ((وليم روبروق)) أن يحصل عليه، هو أنه استخلص وعداً صادقاً بأن يتلقى مساعدة طالما قدم أمراؤهم لبذل الولاء لسيد العالم. على أن ملك فرنسا لم يستطع التفاوض على أساس هذه الشروط وغادر ((روبروق)) قراقوم في أغسطس عام 1254م عائداً إلى بلاط باتو بعد أن اخترق آسيا الوسطى، ومن ثم إجتاز القوقاز وبلاد السلاجقة بالأناضول إلى أرمينية ومنها إلى عكا ولقى ((روبروق)) في كل مكان من الاحترام والتبجيل ما يليق برسول يقصد الخان الكبير، ومهما يكن من أمر فإن هذه الرحلة قد أمدت ((وليم روبروق)) بمعلومات كثيرة مفيدة عن المغول، ووصف لنا عاداتهم وطبائعهم وحياتهم الإجتماعية، وغير ذلك مما صادفه في رحلته، كما وصف جميع القبائل والجماعات التي كان يتكون منها العنصر المغولي والتي أخضعها جنكيز خان (?).
س ـ سياسة منكوقاآن الخارجية: في السنة التالية لحكم منكوقاآن، وبعد أن استقرت الأحوال الداخلية وتخلص من جميع المناوئين لسياسته، وجه عنياته نحو الغزو والفتح والعمل على توسيع رقعة الإمبراطورية، فصمم على فتح البلاد التي لم يتيسر فتحها من قبل وقد دفعه هذا التصميم إلى تجهيز حملتين كبيرتين، نصب أخاه الأصغر ((هولاكو)) على رأس إحداهما وعهد إليه بالقضاء على الإسماعيلية وإخضاع الخليفة العباسي، ونصب أخاه الأوسط ((قوبيلاي)) على رأس الحملة الأخرى بفتح أقاليم الصين الجنوبية، واستعد منكوقاآن نفسه للسير بحملة أخرى بقصد الاستيلاء على بعض الأقاليم في هذه البلاد الفسيحة (?).