مَوْتِهَا، وَالرَّجُلُ بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَافْتَرَقَا فِي اللُّبْسِ بَعْدَ الْمَوْتِ، لِافْتِرَاقِهِمَا فِيهِ فِي الْحَيَاةِ، وَاسْتَوَيَا فِي الْغُسْلِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ فِي الْحَيَاةِ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، بِإِسْنَادِهِ عَنْ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ الثَّقَفِيَّة، قَالَتْ: كُنْت فِي مَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ وَفَاتِهَا، فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحَقْوَ، ثُمَّ الدِّرْعَ، ثُمَّ الْخِمَارَ، ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ، ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الثَّوْبِ الْآخِرِ. قَالَتْ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا، يُنَاوِلُنَاهَا ثَوْبًا ثَوْبًا. إلَّا أَنَّ الْخِرَقِيِّ إنَّمَا ذَكَرَ لِفَافَةً وَاحِدَةً، فَعَلَى هَذَا تُشَدُّ الْخِرْقَةُ عَلَى فَخِذَيْهَا أَوَّلًا، ثُمَّ تُؤْزَرُ بِالْمِئْزَرِ، ثُمَّ يُلْبَسُ الْقَمِيصُ، ثُمَّ تُخَمَّرُ بِالْمُقَنَّعَةِ، ثُمَّ تُلَفُّ بِلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ أَحْمَدُ، فَقَالَ: تُخَمَّرُ، وَيُتْرَكُ قَدْرُ ذِرَاعٍ، يُسْدَلُ عَلَى وَجْهِهَا، وَيُسْدَلُ عَلَى فَخِذَيْهَا الْحَقْوُ.

وَسُئِلَ عَنْ الْحَقْوِ؟ فَقَالَ: هُوَ الْإِزَارُ. قِيلَ: الْخَامِسَةُ. قَالَ: خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى فَخِذَيْهَا. قِيلَ لَهُ: قَمِيصُ الْمَرْأَةِ؟ قَالَ: يُخَيَّطُ. قِيلَ: يُكَفُّ وَيُزَرُّ؟ قَالَ: يُكَفُّ وَلَا يُزَرُّ عَلَيْهَا. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرُهُمْ، أَنَّ الْأَثْوَابَ الْخَمْسَةَ إزَارٌ، وَدِرْعٌ، وَخِمَارٌ، وَلِفَافَتَانِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، لِحَدِيثِ لَيْلَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، وَلِمَا رَوَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاوَلَهَا إزَارًا، وَدِرْعًا، وَخِمَارًا، وَثَوْبَيْنِ.

[فَصْلٌ فِي كَمْ تُكَفِّن الْجَارِيَة إذَا لَمْ تَبْلُغ]

فَصْلٌ: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ: فِي كَمْ تُكَفَّنُ الْجَارِيَةُ إذَا لَمْ تَبْلُغْ؟ قَالَ: فِي لِفَافَتَيْنِ، وَقَمِيصٍ، لَا خِمَارَ فِيهِ. وَكَفَّنَ ابْنُ سِيرِينَ بِنْتًا لَهُ قَدْ أَعْصَرَتْ فِي قَمِيصٍ وَلِفَافَتَيْنِ. وَرُوِيَ فِي بَقِيرٍ وَلِفَافَتَيْنِ. قَالَ أَحْمَدُ: الْبَقِيرُ الْقَمِيصُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ كُمَّانِ. وَلِأَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ لَا يَلْزَمُهَا سَتْرُ رَأْسِهَا فِي الصَّلَاةِ.

وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَحْمَدَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَصِيرُ بِهِ فِي حُكْمِ الْمَرْأَةِ فِي الْكَفَنِ، فَرُوِيَ عَنْهُ: إذَا بَلَغَتْ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ» مَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى خِمَارٍ فِي صَلَاتِهَا، فَكَذَلِكَ فِي كَفَنِهَا. وَلِأَنَّ ابْنَ سِيرِينَ كَفَّنَ ابْنَتَهُ، وَقَدْ أَعْصَرَتْ أَيْ قَارَبَتْ الْمَحِيضَ بِغَيْرِ خِمَارٍ.

وَرَوَى عَنْ أَحْمَدَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ: إذَا كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ يُصْنَعُ بِهَا مَا يُصْنَعُ بِالْمَرْأَةِ. وَاحْتُجَّ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ» . وَرُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: إذَا بَلَغْت الْجَارِيَةُ تِسْعًا فَهِيَ امْرَأَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015