(1519) فَصْل: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ فِي الْكَفَنِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْرُمُ تَرْكُ شَيْءٍ مَعَ الْمَيِّتِ مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؛ لِمَا ذَكَرْنَا، إلَّا مِثْلَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ تُرِكَ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فِي قَبْرِهِ، فَإِنْ تُرِكَ نَحْوُ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ.
(1520) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ (وَإِنْ كُفِّنَ فِي قَمِيصٍ وَمِئْزَرٍ وَلِفَافَةٍ جُعِلَ الْمِئْزَرُ مِمَّا يَلِي جِلْدَهُ، وَلَمْ يُزَرَّ عَلَيْهِ الْقَمِيصُ) . التَّكْفِينُ فِي الْقَمِيصِ وَالْمِئْزَرِ وَاللِّفَافَةِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ، وَإِنَّمَا الْأَفْضَلُ الْأَوَّلُ، وَهَذَا جَائِزٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْبَسَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ قَمِيصَهُ لَمَّا مَاتَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فَيُؤْزَرُ بِالْمِئْزَرِ، وَيُلْبَسُ الْقَمِيصَ، ثُمَّ يُلَفُّ بِاللِّفَافَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ جَعَلُوهُ قَمِيصًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ قَمِيصِ الْحَيِّ، لَهُ كُمَّانِ وَدَخَارِيصُ وَأَزْرَارٌ، وَلَا يُزَرُّ عَلَيْهِ الْقَمِيصُ.
(1521) فَصْلٌ: قَالَ أَبُو دَاوُد: قُلْت لِأَحْمَدَ: يَتَّخِذُ الرَّجُلُ كَفَنَهُ يُصَلِّي فِيهِ أَيَّامًا، أَوْ قُلْت: يُحْرِمُ فِيهِ، ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَيَضَعُهُ لِكَفَنِهِ؟ فَرَآهُ حَسَنًا. قَالَ: يُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ جَدِيدًا أَوْ غَسِيلًا وَكَرِهَ أَنْ يَلْبَسَهُ حَتَّى لَا يُدَنِّسَهُ.
(1522) فَصْلٌ: وَيَجُوزُ التَّكْفِينُ فِي ثَوْبَيْنِ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَكَانَ سُوَيْد بْنُ غَفَلَةَ يَقُولُ: يُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: يُجْزِئُ ثَوْبَانِ، وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ ثَوْبٌ وَاحِدٌ يَسْتُرُ جَمِيعَهُ. «قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: لَمَّا فَرَغْنَا. يَعْنِي مِنْ غُسْلِ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلْقَى إلَيْنَا حَقْوَهُ، فَقَالَ: أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ. وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَقَالَ: مَعْنَى أَشْعِرْنَهَا إيَّاهُ اُلْفُفْنَهَا فِيهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْعَوْرَةُ الْمُغَلَّظَةُ يَسْتُرُهَا ثَوْبٌ وَاحِدٌ، فَجَسَدُ الْمَيِّتِ أُولَى. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا. وَيُرْوَى مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَقَلُّ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ التَّكْفِينُ بِهَا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ أَيْتَامٌ، احْتِيَاطًا لَهُمْ.
وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّكْفِينُ بِالْحَسَنِ مَعَ حُصُولِ الْإِجْزَاءِ بِمَا دُونَهُ.