جَمِيعِ مَا يُؤَدَّى، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ الْعِتْقُ عَلَى أَدَاءِ الْجَمِيعِ، وَإِنْ جَازَ رَدُّ بَعْضِهِ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا، فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِلَّهِ عَلَيَّ رَدُّ رُبُعِهَا إلَيْكَ. فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ قَبْلَ أَدَاءِ جَمِيعِهَا، وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ بَعْضِهَا.
(8702) فَصْلٌ: وَتَجُوزُ الْكِتَابَةُ عَلَى كُلِّ مَالٍ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مُؤَجَّلًا فِي مُعَاوَضَةٍ، فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِ، كَعَقْدِ السَّلَمِ. فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَثْمَانِ، وَكَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدٌ وَاحِدٌ، جَازَ إطْلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ بِالْإِطْلَاقِ إلَيْهِ، فَجَازَ ذَلِكَ فِيهِ، كَالْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نُقُودٌ أَحَدُهَا أَغْلَبُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، جَازَ الْإِطْلَاقُ أَيْضًا، وَانْصَرَفَ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، كَمَا لَوْ انْفَرَدَ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مُتَسَاوِيَةً فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَجَبَ بَيَانُهُ بِجِنْسِهِ، وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ النُّقُودِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ، وَجَبَ وَصْفُهُ بِمَا يُوصَفُ بِهِ فِي السَّلَمِ.
وَمَا لَا يَصِحُّ فِي السَّلَمِ فِيهِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَثْبُتُ عِوَضُهُ فِي الذِّمَّةِ، فَلَمْ يَجُزْ بِعِوَضٍ مَجْهُولٍ، كَالسَّلَمِ.
فَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ، لَمْ يَصِحَّ. ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ. وَالْآخَرُ: يَجُوزُ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مَعْنًى لَا يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْحَيَوَانُ الْمُطْلَقُ عِوَضًا فِيهِ، كَالْعَقْلِ.
وَلَنَا، أَنَّ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا فِي الْكِتَابَةِ، كَالثَّوْبِ الْمُطْلَقِ، وَيُفَارِقُ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ مُتْلَفٍ مُقَدَّرٍ فِي الشَّرْعِ، وَهَاهُنَا عِوَضٌ فِي عَقْدٍ، فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ، وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْوَاجِبَ فِي الْعَقْلِ، لَيْسَ بِحَيَوَانٍ مُطْلَقٍ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِجِنْسِهِ وَسِنِّهِ، فَلَمْ يَصِحَّ الْإِلْحَاقُ بِهِ، وَلِأَنَّ الْحَيَوَانَ الْمُطْلَقَ لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ، بِغَيْرِ خِلَافٍ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ.
وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْعَبْدِ الْمُطْلَقِ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ بَدَلًا فِي مَوْضِعٍ عَلِمْنَاهُ. إذَا ثَبَتَ هَذَا، فَإِنَّ مَنْ صَحَّحَ الْكِتَابَةَ بِهِ، أَوْجَبَ لَهُ عَبْدًا وَسَطًا، وَهُوَ السِّنْدِيُّ، وَيَكُونُ وَسَطًا مِنْ السِّنْدِيِّينَ فِي قِيمَتِهِ، كَقَوْلِنَا فِي الصَّدَاقِ، وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَى حَيَوَانٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ الْعَبْدِ، فِيمَا عَلِمْنَاهُ، وَلَا عَلَى ثَوْبٍ، وَلَا دَارٍ، وَلِذَلِكَ لَا تَجُوزُ عَلَى ثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِهِ، وَلَا عِمَامَةٍ مِنْ عَمَائِمِهِ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَجْهُولَاتِ. وَإِنْ وَصَفَ ذَلِكَ بِأَوْصَافِ السَّلَمِ، صَحَّ.
وَمِمَّنْ أَجَازَ الْكِتَابَةَ عَلَى الْعَبِيدِ، الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ، وَحَفْصَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -.
(8703) فَصْلٌ: وَتَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَى خِدْمَةٍ وَمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ، فَجَازَ أَنْ تَكُونَ عِوَضًا