وَوَجْهُ الْأَوَّلِ، مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: الْكِتَابَةُ عَلَى نَجْمَيْنِ، وَالْإِيتَاءُ مِنْ الثَّانِي. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا أَقَلُّ مَا تَجُوزُ عَلَيْهِ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ مِنْ نَجْمَيْنِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ.
وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ غَضَبَ عَلَى عَبْدٍ لَهُ، فَقَالَ: لَأُعَاقِبَنَّكَ، وَلَأُكَاتِبَنَّكَ عَلَى نَجْمَيْنِ. وَلَوْ كَانَ يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ هَذَا، لَعَاقَبَهُ بِهِ فِي الظَّاهِرِ. وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ، أَنَّهَا أَتَتْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إنِّي كَاتَبْت أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ، فَأَعِينِينِي. وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الضَّمِّ، وَهُوَ ضَمُّ نَجْمٍ إلَى نَجْمٍ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى افْتِقَارِهَا إلَى نَجْمَيْنِ.
وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ. وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النُّجُومُ مَعْلُومَةً، وَيَعْلَمَ فِي كُلِّ نَجْمٍ قَدْرَ مَا يُؤَدِّيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي النُّجُومِ، وَلَا قَدْرُ الْمُؤَدَّى فِي كُلِّ نَجْمٍ. فَإِذَا قَالَ: كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ، إلَى عَشْرِ سِنِينَ، تُؤَدِّيَ عِنْدَ انْقِضَاءِ كُلِّ سَنَةٍ مِائَةً. أَوْ قَالَ: تُؤَدِّي مِنْهَا مِائَةً عِنْدَ انْقِضَاءِ خَمْسِ سِنِينَ، وَبَاقِيَهَا عِنْدَ تَمَامِ الْعَشَرَةِ. أَوْ قَالَ: تُؤَدِّي فِي آخِرِ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِائَةً، وَتِسْعَمِائَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ. فَكُلُّ هَذَا جَائِزٌ. وَإِنْ قَالَ: تُؤَدِّي فِي كُلِّ