وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لِرَجُلٍ: لَوْ قَرَأْت. وَجَعَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رُبَّمَا تَغَرْغَرَتْ عَيْنُهُ. وَقَالَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى الْقَطَّانِ، فَجَاءَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ التِّرْمِذِيُّ، فَقَالَ لَهُ يَحْيَى: اقْرَأْ. فَقَرَأَ، فَغُشِيَ عَلَى يَحْيَى حَتَّى حُمِلَ فَأُدْخِلَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْعَدَوِيُّ: قَرَأْت عِنْدَ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ حَتَّى فَاتَهُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ.

[فَصْل شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ]

(8370) فَصْلٌ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الطُّفَيْلِيِّ؛ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي طَعَامَ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ. وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَتَى إلَى طَعَامٍ لَمْ يُدْعَ إلَيْهِ، دَخَلَ سَارِقًا، وَخَرَجَ مُعَيَّرًا» . وَلِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا، وَيَفْعَلُ مَا فِيهِ سَفَهٌ وَدَنَاءَةٌ وَذَهَابُ مُرُوءَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ هَذَا مِنْهُ، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ.

[فَصْل شَهَادَة مَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحِلَّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ]

(8371) فَصْلٌ: وَمَنْ سَأَلَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَحِلَّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَأَكْثَرَ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مُحَرَّمًا، وَأَكَلَ سُحْتًا، وَأَتَى دَنَاءَةً. وَقَدْ رَوَى قَبِيصَةُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ؛ رَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَاجْتَاحَتْ مَالَهُ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، حَتَّى يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ. فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ، أَوْ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ، وَرَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا، ثُمَّ يُمْسِكَ، فَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ سُحْتٌ، يَأْكُلُهُ صَاحِبُهُ سُحْتًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

فَأَمَّا السَّائِلُ مِمَّنْ تُبَاحُ لَهُ الْمَسْأَلَةُ، فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ عُمْرِهِ سَائِلًا، أَوْ يَكْثُرَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015