يَوْمٍ؟ وَهَلْ كُنْت وَحْدَك، أَوْ مَعَك غَيْرُك؟ فَإِنْ اخْتَلَفُوا، سَقَطَتْ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ اتَّفَقُوا بَحَثَ عَنْ عَدَالَتِهِمْ.

وَيُقَالُ: أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ هَذَا دَنْيَالُ. وَيُقَالُ: فَعَلَهُ سُلَيْمَانُ، وَهُوَ صَغِيرٌ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ سَبْعَةَ نَفَرٍ خَرَجُوا، فَفُقِدَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَأَتَتْ زَوْجَتُهُ عَلِيًّا، فَدَعَا السِّتَّةَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْهُ، فَأَنْكَرُوا، فَفَرَّقَهُمْ، وَأَقَامَ كُلَّ وَاحِدٍ عِنْدَ سَارِيَةٍ، وَوَكَّلَ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ، وَدَعَا وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَسَأَلَهُ فَأَنْكَرَ، فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ. فَظَنَّ الْبَاقُونَ أَنَّهُ قَدْ اعْتَرَفَ، فَدَعَاهُمْ فَاعْتَرَفُوا، فَقَالَ لِلْأَوَّلِ: قَدْ شَهِدُوا عَلَيْك، وَأَنَا قَاتِلُك. فَاعْتَرَفَ، فَقَتَلَهُمْ.

وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَدَالَتَهُمَا، بَحَثَ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا، قَالَ لِلْمُدَّعِي: زِدْنِي شُهُودًا. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ، عَرَّفَهُ الْحَاكِمُ أَنَّ لَك يَمِينَهُ.

وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لَهُ، فَلَمْ يَجُزْ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةِ مُسْتَحَقِّهَا، كَنَفْسِ الْحَقِّ. فَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، أَوْ بَادَرَ الْمُنْكِرُ فَحَلَفَ، لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ. لِأَنَّهُ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا.

وَإِذَا سَأَلَهَا الْمُدَّعِي، أَعَادَهَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ يَمِينَهُ. وَإِنْ أَمْسَكَ الْمُدَّعِي عَنْ إحْلَافِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَرَادَ إحْلَافَهُ بِالدَّعْوَى الْمُتَقَدِّمَةِ، جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ مِنْهَا، وَإِنَّمَا أَخَّرَهَا. وَإِنْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ. سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهَا فِي هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْ الْيَمِينِ.

فَإِنْ اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ الدَّعْوَى الَّتِي أَبْرَأَهُ فِيهَا مِنْ الْيَمِينِ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَتْ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يُحَلِّفَهُ يَمِينًا أُخْرَى، لَا فِي هَذَا الْمَجْلِسِ، وَلَا فِي غَيْرِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ لِجَمَاعَةٍ فَرَضُوا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، جَازَ، وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُمْ بِالْيَمِينِ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُمْ؛ وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِبَيِّنَةٍ وَاحِدَةٍ لِجَمَاعَةٍ، جَازَ سُقُوطُهُ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ. قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ حَتَّى يَحْلِفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا.

وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ الْوَاحِدِ، فَإِذَا رَضِيَ بِهَا اثْنَانِ، صَارَتْ الْحُجَّةُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَاقِصَةً، وَالْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ لَا تَكْمُلُ بِرِضَى الْخَصْمِ، كَمَا لَوْ رَضِيَ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ.

وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا، فَإِذَا رَضِيَا بِهِ، جَازَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رِضَاهُمَا بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْضُ الْيَمِينِ، كَمَا أَنَّ الْحُقُوقَ إذَا قَامَتْ بِهَا بَيِّنَةٌ وَاحِدَةٌ، لَا يَكُونُ لِكُلِّ حَقٍّ بَعْضُ الْبَيِّنَةِ، فَأَمَّا إنْ حَلَّفَهُ لِجَمِيعِهِمْ يَمِينًا وَاحِدَةً بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، لَمْ تَصِحَّ يَمِينُهُ. بِلَا خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.

وَقَدْ حَكَى الْإِصْطَخْرِيُّ، أَنَّ إسْمَاعِيلَ بْنَ إِسْحَاقَ الْقَاضِيَ، حَلَّفَ رَجُلًا بِحَقِّ لِرَجُلَيْنِ يَمِينًا وَاحِدَةً، فَخَطَّأَهُ أَهْلُ عَصْرِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015