كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقَبَةٍ، وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ، فَقَدْ أَعْتَقَ رَقَبَةً كَامِلَةً مُؤْمِنَةً سَالِمَةَ الْخَلْقِ تَامَّةَ الْمِلْكِ، لَمْ يَحْصُلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا عِوَضٌ، فَأَجْزَأَ عِتْقُهُ، كَالْمُدَبَّرِ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا عَلَى مَالٍ، فَأَخَذَهُ مِنْ الْعَبْدِ، لَمْ يُجْزِئْ عَنْ كَفَّارَتِهِ، فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.
(8047) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَيُجْزِئُهُ الْمُدَبَّرُ) وَهَذَا قَوْلُ طَاوُسٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ آخَرَ، فَأَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ، وَلِأَنَّ بَيْعَهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ جَائِزٍ، فَأَشْبَهَ أُمَّ الْوَلَدِ.
وَلَنَا، قَوْله تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] . وَقَدْ حَرَّرَ رَقَبَةً، وَلِأَنَّهُ عَبْدٌ كَامِلُ الْمَنْفَعَةِ، يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَلَمْ يَحْصُلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ عِوَضٌ، فَجَازَ عِتْقُهُ، كَالْقِنِّ، وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ مُدَبَّرًا. وَسَنَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي بَابِهِ، إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ عِتْقًا بِصِفَةٍ، وَأَيًّا مَا كَانَ، فَلَا يُمْنَعُ التَّكْفِيرُ بِإِعْتَاقِهِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَالصِّفَةُ هَاهُنَا الْمَوْتُ، وَلَمْ يُوجَدْ.
مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَالْخَصِيُّ) لَا نَعْلَمُ فِي إجْزَاءِ الْخَصِيِّ خِلَافًا، سَوَاءٌ كَانَ مَقْطُوعًا أَوْ مَشْلُولًا أَوْ مَوْجُوءًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْصٌ لَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، بَلْ رُبَّمَا زَادَتْ بِذَلِكَ قِيمَتُهُ، فَانْدَفَعَ فِيهِ ضَرَرُ شَهْوَتِهِ، فَأَجْزَأَ، كَالْفَحْلِ.
(8049) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: (وَوَلَدُ الزِّنَى) هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، رُوِيَ، ذَلِكَ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ، وَطَاوُسٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَحَمَّادٍ، أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَوَى عَنْ