(871) فَصْلٌ: وَلَا يَقُومُ الرُّكُوعُ مَقَامَ السُّجُودِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَقُومُ مَقَامَهُ اسْتِحْبَابًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] وَلَنَا، أَنَّهُ سُجُودٌ مَشْرُوعٌ، فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ الرُّكُوعُ، كَسُجُودِ الصَّلَاةِ، وَالْآيَةُ الْمُرَادُ بِهَا السُّجُودُ، لِأَنَّهُ قَالَ: (وَخَرَّ) وَلَا يُقَالُ لِلرَّاكِعِ: خَرَّ، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ دَاوُد - عَلَيْهِ السَّلَامُ - السُّجُودُ لَا الرُّكُوعُ، إلَّا أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِالرُّكُوعِ، عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ " ص " لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ دَاوُد رَكَعَ حَقِيقَةً لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ دَاوُد إنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ تَوْبَةً، لَا لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ
(872) فَصْلٌ: وَإِنْ قَرَأَ السَّجْدَةَ فِي الصَّلَاةِ فِي آخِرِ السُّورَةِ، فَإِنْ شَاءَ رَكَعَ؛ وَإِنْ شَاءَ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنْ شِئْتَ رَكَعْتَ وَإِنْ شِئْتَ سَجَدْتَ، وَبِهِ قَالَ. الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ، وَإِسْحَاقُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَنَحْوُهُ عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، وَمَسْرُوقٍ،. قَالَ مَسْرُوقٌ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، إذَا قَرَأَ أَحَدُكُمْ سُورَةً وَآخِرُهَا سَجْدَةٌ، فَلْيَرْكَعْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ فَلْيَسْجُدْ؛ فَإِنَّ الرَّكْعَةَ مَعَ السَّجْدَةِ، وَإِنْ سَجَدَ فَلْيَقْرَأْ إذَا قَامَ سُورَةً، ثُمَّ لِيَرْكَعْ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَرَأَ بِالنَّجْمِ فَسَجَدَ فِيهَا، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ سُورَةً أُخْرَى.
فَصْلٌ:: وَإِذَا كَانَ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ، جَازَ أَنْ يُومِئَ بِالسُّجُودِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ كَصَلَاةِ النَّافِلَةِ. فَعَلَ ذَلِكَ عَلِيٌّ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَطَاءٌ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد، عَنْ ابْنِ عُمَرَ «، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ عَامَ الْفَتْحِ سَجْدَةً، فَسَجَدَ النَّاسُ كُلُّهُمْ، مِنْهُمْ الرَّاكِبُ وَالسَّاجِدُ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى إنَّ الرَّاكِبَ لَيَسْجُدُ عَلَى يَدِهِ» . وَلِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَهِيَ تُفْعَلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ. وَإِنْ كَانَ مَاشِيًا سَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ وَالْقِيَاسِ.
وَقَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَطَاءٌ، وَمُجَاهِدٌ: يُومِئُ. وَفَعَلَهُ عَلْقَمَةُ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ فِي صَلَاةِ الْمَاشِي فِي التَّطَوُّعِ، أَنَّهُ يُومِئُ فِيهَا بِالسُّجُودِ، وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ بِالْأَرْضِ، وَيَكُونُ هَاهُنَا مِثْلَهُ.
(874) فَصْلٌ: يُكْرَهُ اخْتِصَارُ السُّجُودِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَزِعَ الْآيَاتِ الَّتِي فِيهَا السُّجُودُ فَيَقْرَأَهَا وَيَسْجُدَ فِيهَا. وَكَرِهَهُ الشَّعْبِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَإِسْحَاقُ، وَرَخَّصَ فِيهِ النُّعْمَانُ وَصَاحِبُهُ مُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ.