ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا. وَنَحَرَ الْبَدَنَاتِ السِّتَّ بِيَدِهِ. وَنَحَرَ مِنْ الْبُدْنِ الَّتِي سَاقَهَا فِي حِجَّتِهِ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ. وَلِأَنَّ فِعْلَهُ قُرْبَةٌ، وَفِعْلُ الْقُرْبَةِ أَوْلَى مِنْ اسْتِنَابَتِهِ فِيهَا فَإِنْ اسْتَنَابَ فِيهَا، جَازَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَنَابَ مَنْ نَحَرَ بَاقِيَ بُدْنِهِ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ. وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَ ذَبْحَهَا؛ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ " وَاحْضُرُوهَا إذَا ذَبَحْتُمْ فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكُمْ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا ". وَرُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِفَاطِمَةَ: اُحْضُرِي أُضْحِيَّتَك، يُغْفَرْ لَك بِأَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا.»
(7888) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَيَقُولُ عِنْدَ الذَّبْحِ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ. وَإِنْ نَسِيَ فَلَا يَضُرُّهُ. ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ إذَا ذَبَحَ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ» وَفِي حَدِيثِ أَنَسٌ: وَسَمَّى وَكَبَّرَ. وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ ابْنُ عُمَرَ. وَبِهِ يَقُولُ أَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَلَا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ هَذَا خِلَافًا، وَلَا فِي أَنَّ التَّسْمِيَةَ مُجْزِئَةٌ. وَإِنْ نَسِيَ التَّسْمِيَةَ، أَجْزَأَهُ، عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الذَّبَائِحِ. وَإِنْ زَادَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَلَك، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي، أَوْ مِنْ فُلَانٍ. فَحَسَنٌ. وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُكْرَهُ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] . وَلَنَا، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِكَبْشٍ لَهُ لِيَذْبَحَهُ، فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ. ثُمَّ ضَحَّى» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اللَّهُمَّ مِنْك وَلَك، عَنْ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ، بِسْمِ اللَّهِ، وَاَللَّهُ اكْبَرْ. ثُمَّ ذَبَحَ» . وَهَذَا نَصٌّ لَا يُعَرَّجُ عَلَى خِلَافِهِ.
(7889) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الذَّبْحِ عَمَّنْ لِأَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِئُ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ النِّيَّةَ تُجْزِئُ،