بَيْعُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَبِعْهَا، وَإِنَّمَا شَرَكَ عَلِيًّا فِي ثَوَابِهَا وَأَجْرِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ إيجَابِهَا. وَقَوْلُ الْخِرَقِيِّ: بِخَيْرٍ مِنْهَا. يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِدُونِهَا، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا؛ لِأَنَّهُ تَفْوِيتُ جُزْءٍ مِنْهَا، فَلَمْ يَجُزْ، كَإِتْلَافِهِ. وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِمِثْلِهَا؛ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي هَذَا. وَقَالَ الْقَاضِي: فِي إبْدَالِهَا بِمِثْلِهَا احْتِمَالَانِ؛ أَحَدُهُمَا، جَوَازُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَلَنَا أَنَّهُ بِغَيْرِ مَا أَوْجَبَهُ لِغَيْرِ فَائِدَةٍ، فَلَمْ يَجُزْ، كَإِبْدَالِهِ بِمَا دُونَهَا.
(7883) مَسْأَلَةٌ؛ قَالَ وَإِذَا مَضَى مِنْ نَهَارِ يَوْمِ الْأَضْحَى مِقْدَارُ صَلَاةِ الْعِيدِ وَخُطْبَتِهِ، فَقَدْ حَلَّ الذَّبْحُ إلَى آخِر يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ نَهَارًا، وَلَا يَجُوزُ لَيْلًا الْكَلَامُ فِي وَقْتِ الذَّبْحِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَوَّلِهِ، وَآخِرِهِ، وَعُمُومِ وَقْتِهِ أَوْ خُصُوصِهِ. أَمَّا أَوَّلُهُ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ أَنَّهُ إذَا مَضَى مِنْ نَهَارِ يَوْمِ الْعِيدِ قَدْرٌ تَحُلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ، وَقَدْرُ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَتَيْنِ التَّامَّتَيْنِ فِي أَخَفِّ مَا يَكُونُ، فَقَدْ حَلَّ وَقْتُ الذَّبْحِ، وَلَا تُعْتَبَرُ نَفْسُ الصَّلَاةِ، لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْمِصْرِ وَغَيْرِهِمْ.
وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، أَنَّ مِنْ شَرْطِ جَوَازِ التَّضْحِيَةِ فِي حَقِّ أَهْلِ الْمِصْرِ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَخُطْبَتَهُ. وَرُوِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ الْحَسَنِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقَ؛ لِمَا رَوَى جُنْدُبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى.» وَعَنْ الْبَرَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ قَالَ: إنَّ أَوَّلَ نُسُكِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا الصَّلَاةُ ثُمَّ، الذَّبْحُ، فَمِنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ قَدَّمَهَا لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ " وَظَاهِرُ هَذَا اعْتِبَارُ نَفْسِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ عَطَاءٌ: وَقْتُهَا إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ يَتَعَلَّقُ آخِرُهَا بِالْوَقْتِ، فَتَعَلَّقَ أَوَّلُهَا بِالْوَقْتِ، كَالصِّيَامِ.
وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ. وَالصَّحِيحُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، أَنَّ وَقْتَهَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَالْعَمَلُ بِظَاهِرِهِ أَوْلَى. فَأَمَّا غَيْرُ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى، فَأَوَّلُ وَقْتِهَا فِي حَقِّهِمْ قَدْرُ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَا صَلَاةَ فِي حَقِّهِمْ تُعْتَبَرُ، فَوَجَبَ الِاعْتِبَارُ بِقَدْرِهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَوَّلُ وَقْتِهَا فِي حَقِّهِمْ إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَكَانَ وَقْتُهَا مِنْهُ كَسَائِرِ الْيَوْمِ.